============================================================
23 1 ربع العبادات (الباب الأول: في فضيلة العلم والتعلم ومن وجه آخر؛ وهو أنك إذا أردت أن تعرف فضل الشيء، فانظر في تمرته، ومعلوم أن ثمرة العلم في الدنيا العز والوقار، ونفوذ الحكم على الملوك، ونيل الاحترام من الخلق، حتى إن أغبياء الثرك، وأجلاف العرب، يعظمون أشياخهم، لاختصاصهم بمزيد علم مستفاد من التجربة، بل البهيمة بطبعها توقر الإنسان، لشعورها بتميزه بكمال مجاوز لدرجتها.
و أما ثمرته في الآخرة، فالقرب من الله عز وجل، ونيل السعادة التامة الأبدية، ويوضح ما ذكرنا؛ أن مقاصد الخلق مجموعة في الدين والدنيا، ولا ينتظم الدين إلا بانتظام الدنيا؛ لأنها مزرعة الآخرة، ولا ينتظم أمر الدنيا إلا بصناعة الآدميين، وصناعاتهم على ثلاثة أقسام: أحدها: أصول لا قوام(1) للعالم بدونها، وهي أربعة : 1- الزراعة، وهي للمطعم، 2- والحياكة، للملبس، 3- والبناء، للسكنى، ) والسياسة، للتأليف والاجتماع، والتعاون على أسباب المعاش: والقسم الثاني: ما هو كالخادم لهذه الأصول، كالحدادة، فإنها تخدم الزراعة، والغزل والحلج (2)، فإنه كالخادم للحياكة .
والقسم الثالث: ما هو متمم للأصول ومزين لها، كالطخن والخبز للزراعة، والقصارة(2) والخياطة للحياكة، وذلك بالإضافة إلى قوام أمر العالم الأرضي، مثل أجزاء الشخص بالإضافة إليه، فإنها على ثلاثة أضرب: - أما الأصول: فكالقلب والكبد والدماغ.
2- وأما الخادم لها: فكالعروق والمعدة والأعصاب ونحوها.
3- وأما المكمل والمزين: فكالأظفار والأصابع والحاجبين.
(1) القوام: بكسر القاف: نظام الأمر، وعماده وملاكه. اللسان: (قوم).
(2) الحلج: ويقال: حلج القطن يحلجه ويخلجه حلجا بالمخلاج: تدفه . تاج العروس: (حلج).
(3) القصارة، بكسر القاف: تبييض الثياب بالمقصرة وهي: خشبة تدق بها الثياب، والعامل فيها: قصار ومقصر، والفعل: قصر يقصر. اللسان وتاج العروس: (قصر).
Shafi 23