فصل قد يكون الاستدلال بالتابع على المتبوع، وقد يكون بالعكس، وقد يكون لا يؤاخذ منهما.
والأول كالاستدلال بالفعل، ووجوهه على الفاعل وأحواله وبالمعلول على العلة والمسبب على السبب والمقتضى على مقتضيه، وبوقوع الفعل من العالم المختار على الداعي وباستحالة اجتماع الضدين على التضاد وبوجوب صفات الله تعالى على أنها ذاتية، وبعدم ظهور المعجز على كذب المدعى، وبظهوره على صدقه، وعلى وجوب ذلك الظهور.
والثاني: كالاستدلال بالعلة على المعلول لو قدرنا /41/ أنه يسبق العلم بها، وكذلك الاستدلال بالسبب على المسبب، وكذلك سائرها، ومن هذا القبيل الاستدلال بكونه تعالى قديما على استحالة العدم والاستدلال بكونه حيا على كونه مدركا، وبكونه عالما غنيا على أنه لا يفعل القبيح ولا يحل بالواجب والاستدلال بطرو الضد على انتفاء ضده، وتقدم المعاني على زوال تعلقها ونحو ذلك.
والثالث: كالاستدلال ببعض أحكام التخير على بعض وتبعض معلولات العلل على بعض في حق ما يوجب صفة وحكما، وكالاستدلال بصحة الصفة الذاتية والمقتضاة على وجوبهما وكالاستدلال بجواز عدم الإعراض على حدوثها، فإنه يكشف عن أن وجوبها لم يكن لذاتها.
فصل
قد يجب مقارنة الدليل للمدلول كمعلولات العلل، وقد يجب تأخر الدليل كأفعال الفاعلين، وقد يجوز الأمران كمسببات الأسباب، وكدلالة كونه حيا على كونه مدركا.
فصل
قال ابن الهذيل: يعرف انتقاض المنتقض من الأدلة بأحد ثلاثة أمور، إما بترك أجزاء العلة في المعلول، وإما بنقض الجملة بالتيسير، وإما بحجة الاضطراب.
مثال الأول: أن يقول الرجل: فرسي جواد.
فيقال: لم؟ فيقول: لأني أجريته عشرة فراسخ، فاستمر.
فيقال: أوكل فرس أجري عشرة فراسخ فاستمر فهو جواد أم لا؟
فإن قال: نعم، فقد أجرى علته واعتبرت صحة دعواه وفساده بحال غيره من الأفراس.
إن قال: لا، قيل له: قد نقضت علتك، فاطلب لصحة دعواك دلالة.
Shafi 63