ولنورد على الشكل الأول مثالا اقترانيا ومثالا استثنائيا فالاقتراني نحو قولك: كل إنسان حيوان، ولا شيء من الحيوان بحجر ينتج لا شيء من الإنسان بحجر. والاستثنائي نحو قولك: كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، لكن الشمس طالعة ينتج أن النهار موجود.
والرد عليهم بعد تسليم كون هذا تقيسا يقع من وجهين:
أحدهما: أن جميع ما يذكرونه من لأمثلة في هذه الأشكال لا فائة فيه ولا ثمرة تحته فإنا عند العلم بها بين المقدمتين نعلم النتيجة من دون أن يتكلف إيراد مقدمتين في شكل مخصوص، فمتى علمنا أن كل إنسان حيوان وأنه لا شيء من الحيوان حجر، فإنا نعلم أنه لا شيء من الإنسان حجر، وكذا إذا علمنا أن الشمس طالعة علمنا أن النهار موجود من غير عناية سواء قسنا أو لم نقس /35/ ولهذا الوضع أخذنا من القياس لما خرج عن كونه عالما بذلك.
يوضحه: أن العلم عندهم بالمقدمتين ضروري، وعند حصوله يتأهل النفس؛ لأن يفعل الله فيها العلم بالنتيجة، فقد صار الكل ضروريا غير واقف على اختيارنا، فأي فعل يفعل القايس يسمونه قياسا برهانيا من استحضار أو غيره.
هذا إن لم ندع أن أحدنا يعلم أنه ليس في شيء من الناس حجر، وإن لم يخطر بباله المقدمتين المذكورتين.
وبعد، فما الثمرة في أن نعلم أنه ليس شيء من الناس حجر أو أن النهار موجود حتى يكلفوا له فنا من أدق الفنون، ولم يذكروا فيه مسألة مقيدة.
وبعد فحاصل جميع ما ذكروه من البراهين الحاصلة عن إشكالهم هو عندنا نوع واحد، وهو إلحاق التفصيل بالجملة، وهو من أقل العلوم كلفة إن لم يكن ضروريا على ما قد صححناه من قبل، وكما هو مذهب الخصوم أو متولد على ما يقوله شيخنا أبو الحسين أو بكون هو نفيس العلم الجملي على ما يقوله شيخنا أبو هاشم.
Shafi 55