فصل
والنظر في معرفة الله تعالى واجب خلافا لأهل المعارف وأهل التقليد وأهل الشك وأهل التكافي وأهل السمع وأهل الظن وأهل البدعة، وتقدم فساد قول الجميع.
ولنا في وجوب النظر دلايلان:
أحدهما: أن معرفة الله تعالى واجبة على كل مكلف من غير شرط، وهي لا تحصل إلا بالنظر، وما لا يحصل الواجب الذي هذه صفته إلا به يجب كوجوبه، فهذه أصول ثلاثة. أما الأولان فقد نفد ما حيث بينا أن المعرفة لطف لجميع المكلفين وأنها ليست ضرورية وإنما يحصل بحسب النظر.
وأما الثالث، فهو معلوم ضرورة على الجملة، فإن من معه وديعة ولا يتم له ردها إلا بالقيام وفتح الباب والمناولة فإن العقلاء يقضون بوجوب هذه الأفعال ويذمون تاركها، ولا وجه لذلك إلا كون الواجب لا يتم إلا بها بدليل أنه لو تم بغيرها لما وجبت، وقلنا من غير شرط احترازا مما يكون وجوبه مشروطا بما لا يتم إلا به كالحج، وكما إذا قال السيد لعبده: اصعد السطح إذا كان السلم منصوبا.
الدليل الثاني: أن العاقل عند كمال عقله لا بد أن يخاف من ترك النظر ضررا وهو لا يرجو زوال ذلك الخوف إلا بالنظر، وذلك يقتضي وجوبه، فهذه ثلاثة أصول /29/.
Shafi 46