309

Hanyar Tsarkakan Mutane a Ilimin Magana

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

والجواب: أن ظاهرها متروك؛ لأنه يقتضي أن الإنسان مخلوق من العجل، وليس كذلك؛ لأن العجل عرض والأجسام جسم؛ ولأن الخصم يتأولها على القلب فيزعم أن التقدير خلق العجل من الإنسان، وهذا مع كونه عدولا عن الظاهر فهو لا مقتضى له ولا دليل عليه. وللآية عندنا معنيان، أحدهما أن العجل هو الطين الرطب وعليه قول الشاعر:

والنخل تثبت بين الماء والعجل

ومنه قوله تعالى: {من حماء مسنون}، وثانيهما أن عادت العرب إذا أرادت المبالغة في الوصف ذما كان أو مدحا قالوا خلق فلان من كذا، أي لكثرة ولعه به واعتياده به كأنه خلق منه، وكأنه لا يعرف شيئا سواه، فيقولون: فلان مخلوق من الحياء وفلان مخلوق من الكرم مبالغة في الوصف، فأراد الله المبالغة في ذم الإنسان بالعجل كما قال في خلق الإنسان: {عجولا}.

ويدل على هذا من بعد قوله: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون}. ومنها قوله: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}، وقوله: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار}، وفي ذلك /207/ كونه خلق الهدى والضلال.

والجواب يجوز أن يكون المراد بالجعل الوصف والتسمية كما قال تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا، وكقوله: {وجعلوا لله شركاء الجن}، ويجوز أن يكون المراد: جعلناهم كذلك في الآخرة، ويريد بالهدى الثواب، وبالضلال العقاب، ويؤيده قوله: {لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}، فإن الهداية بعد الصبر والتقوى هي الثواب، وكذلك في قوله: {أئمة يدعون إلى النار}، يدل عليه سياق الآية، قال تعالى: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم..} إلى قوله: {وجعلناهم}، والجعل بعد أن نبذهم في اليم إنما هو في الآخرة، ويصير بمنزلة قوله: يقدم قومه يوم القيامة، فأوردهم النار، وكذلك دعاؤهم إلى النار، ولو كان كما ذكروه من أن المعنى نصبنا هؤلاء للدعاء إلى الهداية وهؤلاء للدعاء إلى الضلال لكان المجيب للكل مطيعا، وهو باطل.

ومنها قوله: {ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ..} الآية.

Shafi 315