262

Minhaj at-Talibin wa-Balagh ar-Raghibin

منهج الطالبين وبلاغ الراغبين

فإن قال: إن الله واحد، وأنت واحد؛ فما الفرق؟ قيل له: أنا واحد في الاسم أشياء في الحقيقة والله- سبحانه- واحد في الاسم، وواحد في المعني لا يجوز عليه التجزؤ، والقسمة، والتبيعض، لأنه يمكن أن أكون متفرقا بعد أن كنت مجتمعا، والله تعالي لا يجوز عليه ذلك؛ لأنه هو الخالق، والخالق لا يشبه المخلوق.

فإن قال قائل: ما ننكر أن يكون العالم من أصلين قديمين: نور وظلمة. قيل له: أنكرنا ذلك؛ لأنه لابد من أن يكونا متمازجين، أو متباينين، والممتزج، والمتباين له حد ونهاية، وماله حد ونهاية فهو محدث، والمحدث مصنوع، وله صانع، والظلمة والنور ضدان متباينان؛ لا يصح امتزاجهما، وقد قال الله تعالي ردا علي مقالة من قال بقدم العالم:" الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ".

فإن قال قائل: ما أنكرت أن يكون العالم من صانعين قديمين؟ قيل له: أنكرنا ذلك؛ لأنه لو كانا اثنين فلابد أن يريدا أحدهما خلاف ما يريد الآخر، فيريد أحدهما أن يجعل جسما في مكان، ويريد الآخر بخلافه، ويريد أحدهما تكين جسم، ويريد الآخر تحريكه، ويريد أحدهما بقاء جسم ويريد الآخر فناءه، فلا يجوز أن يكون ما أراداه جميعا، فيكون جسميان في مكان، أو يكون جسم متحرك ساكن في حال واحد، فلما لم يصح ذلك ثبت وصح أن الله إله واحد ليس كمثله شيء، وقد قال الله سبحانه وتعالي: " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ". وقال الله عز وجل: " لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ".

فصل:

Shafi 265