333

Minah Makkiyya

Nau'ikan

============================================================

وزعم الجاحظ : أنه لا يوجد فيه شيء من المذهب الكلامي الذي هو : احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع الخصم على طريقة أرباب الكلام، ولا من النوع المنطقي الذي تستنتج منه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة وردوا عليه بأنه مشحون من ذلك ؛ إذ ما من برهان ودلالة وتقسيم وتحديد ينبني منه كليات العلوم العقلية.. إلا وكتاب الله قد نطق به، وقد بين الإسلاميون من أهل هذذه العلوم كثيرا من ذلك ، منه : أن من أول (سورة الحج) إلى قوله تعالى : {وأت الله يبعث من فى القبور} خمس نتائج ، تستنتج من عشر مقدمات ، بل فيه الإشارة حتى لعلم الهندسة، بل لأشكل ما فيه ، وهو الشكل الثلاثي ، بقوله تعالى : إلى ظل ذى ثلث شعب. . الآية.

قال الأئمة : إنما أوردت حججه على عادة العرب دون دقائق المتكلمين؛ لقوله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } ولأن من استطاع أن يفهم غيره بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون. . لا ينبغي له أن ينحط إلى الأغمض الذي لا يفهمه إلا الأقلون، وإلا. كان ملغزا، ومن ثم أخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه في أجلى صورة وأوضحها؛ ليفهم العامة ما يقنعهم، أو يلزمهم الحجة بسببه، والخاصة ما يليق بهم من دقائق المعارف التي هي منتهين كل ومبلغ أربه.

ومن عجيب تلك الآيات : أنها أبانت تلك العلوم التي لا غاية لها حال كونها متولدة (عن) بينها وبين (من) الجناس اللاحق (حروف) قليلة بالنسبة إليها: أخرج ابن الضريس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : جميع آي القرآن ستة آلاف آية، وست مثة آية، وست عشرة آية، وجميع حروف القرآن ثلاث مئة ألف حرف، وثلاثة وعشرون آلف حرف، وست مثة حرف، وأحد وسبعون حرفا وهذه الحروف ليس المراد بها حروف التهجي، بل مسمياتها، فحروف التهجي أسماء كاشفة عن تلك المسميات، كما قال: (أبان) آي: كشف (عنها الهجاء) أي: التهجي، وهو تعديد الحروف بذكر أسمائها، فإنك إذا قلت: ضرب مركب من (ض رب). فقد عددت الحروف البسيطة التي هي مادة الكلمة قبل آن تحصل صيغة، والمراد هنا : أنه يتهجى بالأسماء 399

Shafi 333