Daga Rayayye Zuwa Mace
من حي إلى ميت: إلى أخي
Nau'ikan
لقد نظرتك - يا أخي - وأنت تتقلب على فراش الأوجاع، وتغلي من وطأة الداء غليان القدر على النار، وشاهدتك بعد وقوعك في مخالب الموت باردا مستريحا؛ لأن الموت قضى على جثمانك وعلى شعورك، وعلى الداء والألم جميعا.
يا أخي، مهما كانت وطأة الشعور بالآلام الجسدية شديدة؛ فإنها - ولا شك - تنتهي بانتهاء الجسد، أما الشعور النفساني فماذا يحل به بعد الوفاة؟
هل خسرت نفسك الصالحة شعورها بالرحمة والرفق والعدل؟ ألا تتألم الآن من فعل الظلم وسائر المساوئ، كما كانت تتألم في هذه الحياة، أم أنها تعيش الآن في عالم كامل لا يحتاج إلى شعور؟
لو كان هذا الكون كاملا بمخلوقاته لما كان للشعور معنى؛ لأن الشعور يتولد من الحاجة لا من الكمال.
فكما أن الشعور بالجوع دليل الحاجة إلى الغذاء، والشعور بالراحة دليل التعب، هكذا لولا الظلم لم نشعر بالعدل، ولولا البغض لم نحس بالمحبة، ولولا الإساءة لم نشعر بالإحسان.
يا أخي:
أسألك الآن عن أبناء السوء ما هو سبب سوئهم؟ هل الشر يخرج من جوهر النفس، أو من جوهر الجسد؟
فإذا كان الجسم مصدر الشر، فمتى تحررت منه النفس تتحرر أيضا من الشر، وإذا كانت هي المصدر، فكيف تتحول عن شرورها؟
إن العوسج لا يتحول عنبا، كما أن العنب لا يفضل العوسج إلا بأصله.
وأما أنا، فلا أعتقد أن في جوهر النفس سوءا؛ لأني كلما أسأت أسمع صوت ضميري يؤنبني على الإساءة، وصوت الضمير هو صوت النفس؛ ولهذا السبب يتراءى لي أن النفس كاملة بحد ذاتها، والجسم وحده مصدر المساوئ؛ لعدم كماله.
Shafi da ba'a sani ba