وتحمل يدها الرخصة الناعمة حقيبة من الجلد أغنتها عن الصرة التي كانت تحملها منذ عامين يوم فارقت القرية!
وفي قدميها حذاء جديد!
لقد صنعت زاهية كل ما قدرت عليه لتبدو في يوم عودتها إلى القرية كما أرادت، ولكن أحدا من أهل القرية لم يهتم بمقدمها أو يخف لاستقبالها؛ وما كان يعنيها من أهل القرية جميعا إلا شخص واحد: سرحان! أين سرحان؟
ولكن سرحان كان في شغل عنها يوم مقدمها في الاحتفال بعرس القرية، ولعله لو كان فارغا لخف لاستقبالها غير مبتسم ولا ماد يديه للترحيب، فما كان سرحان، ولا كان أحد في القرية كلها يطيب له أن تعود زاهية إلى القرية؛ فلولا أن القرية كلها كانت في تلك الليلة مشغولة بعرس نعيمة، لاستقبلتها استقبالا غير ما كانت تنتظر؛ ليسلم للقرية شرفها الرفيع وينمحي عارها!
وانتهت زاهية إلى دارها، فما أحس مقدمها أحد غير جارتها العجوز، فأقبلت عليها تحييها تحية القدوم !
وعرفت الفتاة من حديث جارتها ما لم تكن تعرف من رأي القرية فيها، وحديث السامرين عنها، وتوقعت ما لا بد أن يكون، ولكن ذلك الذي توقعته لم يكن يهمها بقدر ما أهمها ما سمعت مما كان يتحدث به عنها سرحان ...!
وانهار الأمل الباذخ الذي عاشت في أوهامه سنتين أشقى ما عاشت من سنيها العشرين، بما تحملت فيهما من الجهد والنصب والمشقة!
وفقدت كل شيء في اللحظة التي ظنت فيها أنها أوشكت أن تظفر بكل شيء!
وقضت ليلتها في القرية، فلما أصبح الناس يسألون عن خبرها لم تكن زاهية هناك ...
ولما التأم السامرون في المساء على المصطبة، كان إبراهيم خاليا إلى عروسه يحدثها حديثه وتحدثه، لا يعنيهما شيء من الأمر إلا السعادة التي ينعمان بها؛ وسرحان قد توسط حلقة من القوم يحكي لهم ويستمعون إليه وهو يقول: «ألم أقل لكم ...؟ بلى، إن الملعونة لم تطب لها حياة الشرف والاستقامة في القرية ليلة واحدة ...!»
Shafi da ba'a sani ba