وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة، وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك السرور والسكون إلا الله فهو دائما مفتقر إلى حقيقة { إياك نعبد وإياك نستعين } [الفاتحة: 5]، ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلا بإخلاص الحب لله بأن يكون الله هو غاية مراده ونهاية مقصوده وهو المحبوب له بالقصد الأول، وكل ما سواه إنما يحبه لأجله لا يحب شيئا لذاته إلا الله فمتى لم يحصل له هذا لم يكن قد حقق حقيقة (لا إله إلا الله) ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة لله.
فقر العباد إلى الله
والعبد مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود ومن حيث هو المسئول المستعان به المتوكل عليه، فهو الله الذي لا إله غيره وهو ربه الذي لا رب له سواه ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين (العبادة والاستعانة) فأكمل الخلق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله وأقواهم وأهداهم أتمهم عبودية لله من هذا الوجه.
حقيقة دين الإسلام
وهذا هو حقيقة دين الإسلام الذي أرسل الله به رسله وأنزل به، كتبه وهو أن يستسلم العبد لله لا لغيره فالمستسلم لله ولغيره مشرك، والممتنع عن الاستسلام له مستكبر، وكل من استكبر عن عبادة الله فلا بد أن يعبد غيره ويذل له، فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة ولن يستغنى العبد عن جميع المخلوقات إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ولا يستعين إلا به ولا يتوكل إلا عليه ولا يفرح إلا بما يحبه ويرضاه، ولا يكره إلا ما يبغضه الرب ويكرهه ولا يوالي إلا من والاه ولا يعادي إلا من عاداه الله ولا يحب إلا لله ولا يبغض شيئا إلا لله ولا يعطي إلا لله ولا يمنع إلا لله فكلما قوي إخلاص حبه ودينه لله كملت عبوديته لله واستغناؤه عن المخلوقات.
Shafi 7