266

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Nau'ikan

والحقيقة أن معظم الأدلة النقلية من القرآن قد أخرجت من سياقها ودفعت إلى أعلى بدلا من أن تتوجه إلى أسفل. خرجت عن العالم بدلا من أن تتجه إليه، تتحول إلى صفة لذات مشخصة مع أنها تصورات للعالم وبواعث للسلوك ونظم للمجتمعات وقوانين للتاريخ. أما الأحاديث فمعظمها ظني من حيث السند أو المتن، يظهر فيها أثر الخيال الشعبي وأساطير الخلق وتحديداتها في الزمان والمكان. ويسهل توجيه نقل مضاد لهذا النقل لإثبات عكس القضية، فيصبح الموقف المذهبي هو الأساس والنقل مجرد تابع ومبرر ومؤيد له. ومعظم الحجج العقلية من الأحاديث وليست من القرآن، روايات آحاد أكثر منها تواترا، عقائد نظرية أكثر منها شرائع عملية، مما يدل على الاغتراب وقذف الكلام خارج العالم وإلحاقه بالذات المشخصة، الغاية منها التعبير عن العظمة واللانهائية وليس إصدار حكم على مادة الكلام. الغرض منها الإيحاء النفسي والتوجيه العملي الذي يصل إلى حد الإرهاب بالعظمة والجبروت وليس المعرفة الخبرية. وكثير من هذه التأويلات تقوم على بواعث سياسية خالصة، الغاية من الإلغاز فيها هو السماح للتأويل السياسي سواء من السلطة أو من المعارضة لحل اللغز طبقا لمصلحة كل فريق، خاصة فيما يتعلق بزوال الدول وانهيار أنظمة الحكم وقدوم دولة أخرى والتبشير بنظام قادم به الخلاص.

هناك إذن فرق بين اللفظ والمعنى، بين الدليل والمدلول، فالقراءة غير المقروء، والتلاوة غير المتلو، والكتابة غير المكتوب. والأدلة على ذلك كثيرة من النقل والعقل، من الكتاب والسنة والإجماع والحس والعقل، نقل في مقابل نقل وعقل في مقابل عقل. والحجة الشاملة هي أنه لا يمكن فهم الكثرة والوحدة في الكلام إلا بناء على التفرقة بين اللفظ والمعنى، بين القراءة والمقروء، بين التلاوة والمتلو. يتعدد القرآن والقرآن واحد، وتتغير الألحان والقرآن واحد، ويتغير الإعراب والقرآن واحد، ويثاب كل فرد على قراءته والقرآن واحد، وتتعدد القراءات والقرآن واحد، يقرأ بالكلام بالعربية فهو قرآن، وبالعبرانية فهو توراة أو زبور، وبالسريانية فهو إنجيل. الكلام واحد والتعبير متعدد اللغات. الأمر بالتلاوة استدعاء للفعل، والفعل صفة المأمور لا صفة الأمر. القراءة صفة، والمقروء موصوف، وشرط الصفة القيام بالموصوف. والقراءة وقت الجنابة ممكنة لأن المقروء غير القراءة. كلام الله لا يلفظ أو يحكى به. هو كلام واحد ومتعلقاته كثيرة. وهناك حجج أخرى متعددة، منها أن القراءة مرة طيبة مستلذة، ومرة فجة تنفر منها الطباع، مرة رقيقة ومرة منخفضة، وكذلك الكتابة تارة حسنة وتارة سيئة. القراءة فعل الإنسان وعمله، القراءة طاعة وقربى أو معصية وسوء. لا يتصف الكلام القديم بالحروف والأصوات ولا شيء من صفات الخلق ولا يفتقر إلى مخارج وأدوات، بل يتقدس عن جميع ذلك. لا يحل في شيء من المخلوقات. لا يتكلم أحد بكلام الله، فالقراءة أصوات القراء وأكسابهم، أما المقروء فهو المعروف والمعلوم. القرآن إذن لفظ متشابه، يحمل على القراءة كما يحمل على المقروء.

180

إن كل اختلاف في القراءات أو تغير في الأصوات أو إسقاط لبعض الحروف لا يحدث تغييرا في الكلام. الصوت المسموع أو الكلام المكتوب ليس هو الكلام، ولا يمكن لحروف متفرقة أو متناهية تكوين كلام دال لا متناه. القراءة فعل فردي شخصي مكتسب تنفيذا للأمر، في حين أن الكلام هو الأمر. كل ذلك يثبت في النهاية قدم الكلام وأولويته على القراءة.

181

لذلك لا يجوز القول بأنه يلفظ بالقرآن؛ لأن التلفظ رمي، واللفظ يوحي بالخلق لا بالقدم.

182

لذلك يفضل البعض وصف القراءة بأنها ذكر حتى تتميز عن القراءة اللفظية للكلام البشري.

183

والإثبات يلغي هذا التميز بين فعل القراءة وموضوعها، ويجعل فعل الذات مطابقا للموضوع تمشيا مع اعتبار الكلام موضوعا حسيا خالصا. فالمقروء دون فعل القراءة افتراض خالص أو إمكانية محضة لا يمكن معرفتها إلا من خلال مظهر حسي هو فعل القراءة وما يصدر عنه من أصوات وحروف. لا توصف القراءة بأنها تلفظ لأنها تختلف عن القراءة العادية لكلام البشر.

Shafi da ba'a sani ba