Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Nau'ikan
وهو الموضوع الغالب على تحليل صفة الكلام كتطبيق خاص للحكم العام على الصفات بالقدم أو الحدوث، كما كان العلم نقطة تطبيق لموضوع العلاقة بين الذات والصفات، علاقة زيادة ومساواة، غيرية وهوية. والكلام هو الصفة الوحيدة من الصفات السبع التي لها تحقق ملموس، مرئي ومسموع، هو القرآن. ومن هنا أتت أهميته كدليل حسي مادي على وجود الباري. وأهمية القرآن هو أنه الخبر، وهو مصدر العلم، وهو الصفة الأولى التي منها تثبت باقي الصفات الأخرى نقلا، وبالتالي له الأولوية عليها باعتباره مصدرا. وابتداء من القرن السادس انتقلت مسألة القدم والحدوث من صفة الكلام إلى مسألة الوحدة والكثرة. فإثبات وحدة الكلام إثبات لقدمه وقيامه بالذات، وإثبات الكثرة إثبات لحدوث الكلام وقيامه بالحوادث.
176
والعجيب أن اسم المشكلة ليس قدم الكلام وحدوثه، فذلك اسم الحكم العام للصفات كلها أو قدم الكلام فقط، وهو ما ركز عليه الأشاعرة، بل «خلق القرآن»، أي نظرية خصومهم المعتزلة. فالتعبير ذاته يوحي بالنفور. فليس هناك مسلم واحد يرضى بخلق القرآن نظرا لأن الإحساسات الدينية للمسلمين تمج الخلق ولا تقبل إلا القدم. القدم أكثر تعظيما وإجلالا من الخلق، القديم أفضل من الجديد، والماضي أعمق من الحاضر، والأصلي أقرب إلى القلب من التقليد.
وقد أجمع أهل الإسلام على أن لله كلاما، وعلى أن الله كلم موسى، وعلى أن كلامه في سائر الكتب المنزلة في التوراة والزبور والإنجيل والقرآن، أي في الصحف.
177
ولكن المسألة هي الصلة بين الكلام كصفة للذات وبين الكلام الحسي المقروء. فالصفة المجردة تدخل تحت إشكال القدم والحدوث والكلام الحسي يدخل تحت إشكال المعنى واللفظ. وتنشأ المشكلة عندما يتم الخلط بين المستويين للكلام الصوري والمادي، فتعتبر الصفة المجردة حادثة أو يعتبر الكلام الحسي قديما. وهنا تنشأ الحلول المتوسطة التي تحاول الجمع بين الطرفين مثل قدم الصفة المجردة وحدوث الكلام الحسي، أو قدم الذات وحدوث الصفات، قدم المعنى في النفس وحدوث اللفظ المجرد أو رفض الجميع والتوقف عن الحكم. المواقف إذن أربعة: إما أن يكون الكلام قديما حتى بأصواته وحروفه، وإما أن يكون قديما ككلام نفسي دون الأصوات والحروف، أو يكون الكلام حادثا حتى في الذات والصفات كرد فعل على قدم الذات والصفات، أو يكون حادثا غير قائم بالذات بل قائم في المحل.
178
والحقيقة أنه يمكن رد هذه المواقف الأربعة إلى اثنين: الأول عدم التمييز بين المستويات، سواء كان ذلك قولا بقدم الكلام ذاتا وصفة، معنى ولفظا، أو بحدوثه ذاتا وصفة، معنى ولفظا. والثاني التمييز بين المستويات سواء كان بين الذات والصفة أو المعنى واللفظ أو كان بين القيام بالذات والقيام بالمحل.
والحشوية مذهب يقوم على التوحيد بين الكلام كصفة قديمة أزلية وبين الكلام كأصوات وحروف. لذلك يسمى مذهب المشبهة الحلولية المجسمة. وينشأ الخلط من الجمع بين الكلام القديم، وهو مفهوم بمفرده كحكم مبدأ بقدم الصفات وبين الكلام كحروف وأصوات، وهو مفهوم كحكم واقع على كلام حسي مرئي. فالجمع بين الاثنين خلط وتناقض دون تأصيل عقلي يكشف عن الرغبة في الجمع بين الحساسية الدينية والرؤية الحسية، بين متطلبات الإيمان ومقتضيات الحس، فينشأ مذهب إيماني حسي. ويعتمد المذهب على مجموعة من الحجج النقلية والعقلية تعتمد كلها على أن القراءة هي المقروء والتلاوة هي المتلو، وأن القديم يحل في الحادث ويختلط به مع أن ذلك خلط بين المعنى واللفظ، بين الماهية والواقع، بين الشيء والدلالة. تقوم الحشوية إذن على الخلط بين المستويات في مقابل تصور آخر يقوم على التمييز بين المستويات.
179
Shafi da ba'a sani ba