110

وقد رد عليهم أصحابنا بما لا مزيد عليه، ومن جملة ما ردوا عليهم به أن الضروري إنما يكون ضروريا بأن يكون مفعولا فينا بغير اختيارنا، ولا بد من الإقرار بهذا، وإذا كان كذلك فإنا نجد أنفسنا مضطرة إلى العلم بقبح الظلم والكذب، وحسن إرشاد الضال، وإنقاذ الغريق، ووجوب رد الوديعة، وشكر المنعم، ونحو ذلك مما سموه مشهورا، ونجد هذا العلم غير واقف على اختيارنا، ولا نجد فرقا بينه وبين العلم بالأوليات والمشاهدات في كونه ضروريا، وكذلك لا نجد فرقا بين المتواترات التي سموها يقينية، وبين بعض مدلولات الكتاب العزيز والسنة النبوية في إفادتها القطع واليقين، والعجب منهم أنهم قد ذموا المغالطة وحذروا منها، ثم دخلوا فيها.

وأما ما يقوله علماء المجبرة من أنا إنما نحكم بالمشهورات لأحد الأسباب المتقدمة، فهو ظاهر السقوط بدليل أنا لو فرضنا العاقل متعريا عنها، فإنه يعلم بكمال عقله قبح القبيح، وحسن الحسن، والمنكر لذلك مباهت، ومن تأمل ما أوردناه على صحة القول بالاستغناء عن المنطق، وأنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة في الإسلام.

قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله: (وقد اشتملت خطب أمير المؤمنين عليه السلام ومواعظه، وسائر الأئمة على أدلة التوحيد من غير ترتيب أدلة المنطقيين، ولا تقاسيم أساليب المتكلمين، ودرج السلف على ذلك).

Shafi 110