ولا تزال هذه الفتن في الانتشار حتى تصير هذه الأخلاق الذميمة سمة مجتمعية وخصلة عامة، فيدب الاختلاف وتنتشر الفوضى، حتى إن رسول الله ﷺ استخدم صورة حية لتوضيح هذا المعنى الذي قد لا يتصوره بعض من يعيش في المجتمع النبوي، المجتمع الذي كان شعاره الأمانة والوفاء والاجتماع ونبذ الافتراق، فشبه حال اختلاف المجتمع بتداخل الأصابع فيما بينها، وقد جاء في حديث عبد الله أن رسول الله ﷺ قال: «واختلفوا فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه» قال الحافظ عند شرحه حديث حذيفة (^١): (يجتمع معه في قلة الأمانة وعدم الوفاء بالعهد وشدة الاختلاف، وفي كل منهما زيادة ليست في الآخر).
وللعظيم آبادي (^٢) تفسير آخر لمعنى الحديث، حيث قال: (أي: يمزج بعضهم ببعض، ويلتبس أمر دينهم، فلا يعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر).
وفي كلام صاحب العون إشارة إلى اختلاط أمر الناس لكثرة الفساد، ولا مانع من حمل الحديث على كلا المعنيين، فكلاهما صحيح.