Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Nau'ikan
وأما رابعا: فالعادة هذه التي جرى عليها عرفاء الجهة ونوابها الذين تهوروا في جمع المال، ولم يبالوا أحرام هو أم حلال جرت في جميع الأزمان أنهم لا يغرمون أحدا من المسلمين إلا بعد أن يعرضوه، فإن ثبت بلوغه عندهم ضربوا الغرم على رأسه غنيا كان أو فقيرا، فإن التبس وضعوا المسبحة في عنقه ويعطفونها إلى رأسه بوجه يعرفون به البالغ من غيره، فإن ثبت عندهم بلوغه بهذه الأمارة غرموه وإلا أطلقوه حتى يبلغ؛ فإذا مات أحد المسلمين المضروبة على رأسه هذه الجزية نقلوا ما ضربوا على رأسه إلى من وجدوه في بلدهم من سائر المسلمين المشارفين للبلوغ ولو فقيرا، ثم إذا عجز الفقير عن التسليم خيروه بين تأدية ما ضرب على رأسه، وبين الإجلاء من بلدهم إلى بلد أخرى، فإذا أجلوه سقط المضروب على رأسه ولو غنيا حتى يعود إلى بلدهم؛ وهذا أمر مشهور عندهم لا ينكره أحد، ونحن ننزه الأئمة السابقين واللاحقين، وجميع أبنائهم المكرمين عن الرضا بهذه الأمور المحرمة، أو السكوت على فعل هذه المظلمة، وأن ينسب إلى أحد منهم مثل هذه الشبه المظلمة[113أ] وشاهد هذا ما أجاب به الإمام المتوكل على الله رضوان الله عليه علينا في شأن ذلك كما أطلعت عليه إمام عصرنا المؤيد بالله أيده الله أيام الاجتماع به في (السودة) المحروسة؛ وبهذا يعلم جري الأزمان على أخذ ذلك من رؤوس المسلمين على غير رضا من الأئمة الهادين صلوات الله عليهم أجمعين وكيف يخطر ببال أهل الإيمان أن يرضى خلفاء الرحمن، وحلفاء السنة والقرآن، وهم الأمان لأهل الأرض وأي أمان بما ذكرناه من هذه الأفعال المخالفة لنصوص القرآن، وسنة سيد الإنس والجان؛ فإن الله سبحانه قد عين لنا أمورا مفروضة فيما يجب من زكاة الأموال والأبدان، ففيما سقت السماء العشر، وفيما سقت المساني نصف العشر، وفي الرقة ونحوها ربع العشر، والسوائم الثلاث ما عليها من الزكاة في أنصباء اقتضتها الحكمة الربانية، ومقادير تقصر عن معرفة الوجه فيها القوى البشرية، بحيث إذا نقص منها شيء معلوم حرم أخذ شيء منه لأمر اقتضته الحكمة، وانظر إلى الأوقاص كيف سقط الواجب فيها، وحرم علينا أن نتجاوز ما حد فيها؛ فمالنا وللإقدام على أن نفرض غير ما فرضه الله فيها، ويوجب في كل رأس منها ما أمرنا بتركه ونهينا عن أخذه، حتى سرى هذا الأمر إلى أن نفرض على رؤوس المسلمين وأموالهم غير ما فرضه ربنا، وجاء به نبينا، وعمل به أئمتنا، وصرح بتحريمه سلفنا من أئمة الهدى وسفن النجاء من عترة النبي المصطفى صلوات الله عليهم.
وعلى هذا وجدنا علماء الأمة وأكابر الأئمة[113ب]، والإجماع على التحريم عام وخاص، وسنده ما علمناه من ضرورة الدين، وجاء به الكتاب المبين، وسنة النبي الأمين، هذا في الأغرام المضروبة على رؤوس ا لمسلمين ورؤوس بقرهم.
وأما الأغرام المضروبة على أموال المسلمين، فمن ادعى أن الواضع لها إمام معين فعليه البيان.
وأما ما ذكره ذلك النائب لمولانا أيده الله من استمرار الأخذ ممن يعتد به، كالإمامين وصنوهما الحسين بن القاسم عليهم السلام فنقول تلك أفعال لاندري على أي وجه وقعت، على أن الإجماع العام والخاص صريحان في أن أفعال آحاد الأئمة غير الوصي صلوات الله عليه وسبطه لا يكون حجة على غيرهم ما لم يقع إجماع خاص من جميع العترة قولي متواتر صريح، لا يتطرق إليه احتمال، ولا يعلم له مخالف منهم؛ ونحن إذا طلبنا الإجماع القولي المتواتر من العترة عليهم السلام على أخذ ذلك من رؤوس المسلمين ورؤوس بقرهم، أو أنه يؤخذ خراج من الأرض العشرية، كان دون وجوده خرط القتاد، بل الإجماع الصريح من العترة عليهم السلام والأمة وغيرهم أنه لا خراج على الأرض العشرية؛ وهذا الإجماع من الإجماعات المتواترة المعدودة التي أخذت شرطا في تمام الاجتهاد، أعني كون المجتهد لا يتم اجتهاده إلا بمعرفتها.
Shafi 415