348

Matmah Amal

مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال

Nau'ikan

Tariqa

وعلى تقدير وورد السؤال فالأصل بالنظر إلى كل واحد من الناس بانفراده براءة ذمته وملكه لما في يده؛ إذ اليد دليل الملك، ولم تزل الأموال مختلطة والتظالم حاصلا، ومنع الواجبات كائنا، ومعاملة أهل الكتاب فاشية؛ وقد نص سبحانه على أخذهم الربا وأكلهم السحت، ولم يترك جميع الناس ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كما لم يتركوا كلهم سائر المعاصي، من الزنا وشرب الخمر وغيرهما كما هو معلوم، ومع ذلك فلم يقض النبي صلى الله عليه [وآله وسلم] بأن ما في أيدي الناس قد صار بيت مال؛ لاختلاط الحرام بالحلال، ولا قضى بذلك أمير المؤمنين [عليه السلام] ولا غيره من الصحابة، مع تغلب الناكثين والقاسطين والمارقين في أيام أمير المؤمنين، واستيلائهم على كثير من البلاد، ووقع بسبب ذلك من النهب والتظالم ما هو معروف.

ثم بعد ذلك نهبت المدينة ثلاثة أيام: يوم الحرة نهبها عسكر يزيد -اللعين- ولم يمتنع أحد من الصحابة والتابعين لأجل ذلك من معاملة الناس والشراء من الأسواق، ولا قضى أحد بأن جميع ما في أيدي الناس قد صار بيت مال لاختلاط الحرام بالحلال، ثم جرى على ذلك أكابر الأئمة عليهم السلام فلم يؤثر [104أ]عن أحد من قدمائهم أنه قضى بأن جميع ما في أيدي الناس بيت مال، ولا ضمنوا أحدا، ولا عاقبوه بأخذ شيء مما في يده وإن كان مخالفا عاصيا، وقد سبق عن أئمة العترة منذ رسول الله صلى الله عليه [وآله وسلم] إلى زمنك.

هذا ما يعلم به المنصف براءتهم من العمل بذلك ومن القول به، مع أن الهادي [عليه السلام] خرج إلى (اليمن) ولا مريد على ما أهله عليه من كثرة التظالم، ومنع الواجبات، وفشو الربا، وبعد العهد من أئمة الحق؛ فلم يضمن أحد منهم قط، بل تحرج من القرض بغير رضاء أربابه مع تسويغ الشريعة له عند الحاجة، وعلى مثل ذلك جرى الأئمة الهادون كما سبق ذكره في أحوالهم وشمائلهم .

Shafi 391