كعب (١) بكتِف شاة مكتوب عليها بعض قرآن ليُصْلحَ بعض حروفه. وفي بعض روايات البخاري أن الرسول صلوات الله عليه قبل موته بأربعة أيام، وكان ذلك يوم الخميس، قال لهم: "ايتُونى بكَتِفٍ أكتبْ لكم كتابًا لا تضلوا بعدي" (٢).
ويُروى أن إِمامنا الأعظم الشافعى رضوان الله عليه كان كثيرًا ما يكتب المسائل على العظام، لقلة الورق حتى ملأ منها خَبَايا (٣). ورأيت بعض مصاحف مكتوبة على رَقِّ غَزال (٤). نَعَم، المصاحفُ التي أمر سيدنا عثمان بنسخها وإرسالها إِلى أجناد الأمصار كانت على الكاغِد، ما عدا المصحف الذي كان عنده بالمدينة فإِنه على رَقّ الغزال كما شُوهد بمصر.
[جمع القرآن وترتيبه في المصحف على عهد عثمان ﵁]:
وكان السبب في ذلك على ما قاله ابن الأَثير (٥) في التاريخ
_________
(١) سبق التعريف به (ص ٥٨) حاشية (٥).
(٢) الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في الجامع الصحيح، كتاب الجزية -باب إِخراج اليهود من جزيرة العرب (رقم ٣١٦٨) من حديث ابن عباس. وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الوصية- باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه (رقم ١٦٣٧/ ٢١) بلفظ "ايتونى بالكتف" والحديث في مسند الإِمام أحمد (١/ ٢٩٣، ٣٥٥).
(٣) خبايا جمع خابية، وهي الحُبُّ، وهو كالصندوق الكبير وكالجَّرة الضخمة (راجع اللسان -خبى، حبب).
(٤) الرَّق -بالفتح: ما يكتب فيه، وهو جلد رقيق، ومنه قوله تعالى: "في رقِّ منشور" (مختار الصحاح -رق).
(٥) هو علي بن محمَّد بن محمَّد بن عبد الكريم عبد الواحد الشيبانى، عز الدين، أبو الحسن الجزرى الموصلي المعروف بابن الأثير الفقيه المؤرخ الشافعى. مولده سنة ٥٥٥ هـ بالجزيرة ورحل إِلى الموصل وبغداد، وسمع من علمائهما، وأقبل في أواخر عمره على الحديث. مات سنة ٦٣٠ هـ. ومن أشهر مؤلفاته: "الكامل في التاريخ" و"أُسْد الغابة في معرفة الصحابة" (من مصادر ترجمته: طبقات الشافعية للسبكى جـ٥ ص ١٢٧، وفيات الأعيان جـ٣ ص ٣٤٨).
1 / 67