كما قالوا: بُدئَتْ الرسائل بعبد الحميد، وخُتمت بابن العميد (١).
[كتابة القرآن في عهد النبي ﷺ -]:
وكان الصحابة ومَن تبعهم قبل أن يكثر الكاغِد -أي الورق الذي كان يُجلب من الهند- يكتبون آيات القرآن وغيرها على عَسِيب السَّعَف (وهو الأصل العريض من جريد النخل) وعلى الألواح من أكتاف الغنم وغيرها من العظام الطاهرة والخِرق والأَدَم (أي الجلود مثل ورق الغزال)، فقد جُمع بعض آيات القرآن منها.
وفي "البخاري" لما نزلت آية: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥] قال ﵇ للبراء بن مَعْرور (٢): "ادْعُ لي زيدًا، ولْيجىءَ باللَّوح والدَّواةِ والكَتِفِ .. إِلخ" (٣). ورُوِىَ أن عثمان بَعَثَ إِلى أُبىّ بن
_________
(١) ابن العميد: علي بن محمَّد بن الحسين، أبو الفتح ابن العميد وزير من الكتاب الشعراء الأذكياء. وهو ابن أبي الفضل (ابن العميد) الوزير العالى الشهرة المتوفي سنة ٣٦٠ هـ خلف أباه في وزارة ركن الدولة البويهى بالرى ونواحيها سنة ٣٦٠ هـ، ولقبه الخليفة الطائع (٣٦٣ - ٣٨١ هـ) بذى الكفايتين (السيف والقلم) واستمر إِلى أيام مؤيد الدولة (ابن ركن الدولة)، وأحبته القواد وعساكر الديلم لكرمه وطيب أخلاقه فخاف آل بويه العاقبة، فقبض عليه مؤيد الدولة وعذّبه، ثم قتله سنة ٣٦٦ هـ. وأخباره كثيرة على قصر مدته (له ترجمة طويلة في معجم الأدباء جـ ١٤ص ١٩١ - ٢٣٩. وانظر وفيات الأعيان جـ٣ ص ٢٢٨ - ٢٣٢).
(٢) البراء بن معرور بن صخر الخزرجي الأنصارى، صحابى، من العقلاء المقدَّمين شهد العقبة، وكان أحد النقباء الاثنى عشر من الأنصار، وهو أول من تكلم منهم ليلة العقبة حين لقى السبعون من الأنصار رسول الله ﷺ وبايعوه، وأول من مات من النقباء توفي قبل الهجرة بشهر واحد (الإِصابة جـ ١ ص ١٤٤، صفة الصفوة جـ١ ص ٢٠٣، الأعلام جـ٢ ص ٤٧).
(٣) الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب فضائل القرآن -باب كاتب النبي ﷺ (رقم ٤٩٩٠)، وفي كتاب الجهاد، باب قول الله ﷿ ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ..﴾ (رقم ٢٨٣١) -وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإِمارة باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين (رقم ١٨٩٨/ ١٤١). والنسائي في المجتبى، كتاب الجهاد، باب فضل المجاهدين على القاعدين (٦/ ١٠) والترمذي في الجامع، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرخصة لأهل العذر في القعود (رقم ١٦٧٠).
1 / 66