ويقولون أيضا: إن قدرته تعالى كانت متعلقة بإيجاد الموجود المعين في الأزل؛ فإذا أوجد ذلك الشيء، ودخل ذلك الشيء في الوجود انقطع ذلك التعلق؛ لأن الموجود لا يمكن إيجاده. فهذا اعتراف بأن ذلك التعلق قد زال.
وكذا أيضا الإرادة الأزلية كانت متعلقة بترجيح وجود شيء على عدمه في ذلك الوقت المعين، فإذا ترجح ذلك الشيء في ذلك الوقت امتنع بقاء / (¬1) ذلك التعلق؛ لأن ترجيح المترجح محال.
وأيضا توافقنا على أن المعدوم لا يكون مرئيا ولا مسموعا، فالعالم قبل أن يوجد لم يكن مرئيا، ولا كانت الأصوات مسموعة؛ فإذا خلق الألوان والأصوات صارت مرئية مسموعة. فهذا اعتراف بحدوث هذه التعلقات.
ولو أن جاهلا التزم كون المعدوم مرئيا ومسموعا، قيل له: الله تعالى هل كان يرى العالم وقت عدمه معدوما، أو كان يراه موجودا؟ لا سبيل إلى القسم الثاني؛ لأن رؤية المعدوم موجودا غلط، وهو على الله محال. ثم إذا أوجده؛ فإنه يراه موجودا لا معدوما، وإلا عاد حديث الغلط.
فعلمنا: أنه كان يرى العالم وقت عدمه معدوما، ووقت وجوده موجودا، وهذا يوجب ما ذكرناه.
وأما الفلاسفة؛ فهم مع أنهم أبعد الناس في الظاهر عن هذا القول؛ فهم قائلون به، وذلك لأن مذهبهم: أن الإضافات موجودة في الأعيان.
فعلى هذا: كل حادث يحدث؛ فإن الله تعالى يكون موجودا معه.
فكونه تعالى مع ذلك الحادث وصف إضافي حدث في ذاته.
Shafi 113