المسألة العاشرة: في بيان أنه تعالى يمتنع أن يكون محلا للحوادث:
المشهور أن الكرامية يجوزون ذلك، وسائر الطوائف ينكرونه، ومن الناس من قال: إن أكثر طوائف العقلاء يقولون بهذا المذهب؛ وإن كانوا ينكرونه باللسان؛ أما المعتزلة: فمذهب أبي علي (¬1) وأبي هاشم (¬2) وأتباعهما: أنه تعالى مريد بإرادة محدثة لا في محل، وكاره للمعاصي والقبائح بكراهة محدثة لا في محل. فهذه الإرادات والكراهات وإن كانت حادثة لا في محل إلا أن صفة المريدية والكارهية تحدث في ذات الله. فهذا قول بحلول الحوادث في ذات الله تعالى.
وأيضا إذا حضر المرئي والمسموع حدثت في ذات الله صفة السامعية والمبصرية. لكن المعتزلة لا يطلقون لفظ الحدوث، وإنما يطلقون لفظ التجدد، وهذا نزاع في العبارة.
وأما أبو الحسين البصري (¬3): فإنه يثبت علوما متجددة في ذات الله تعالى بحسب تجدد المعلومات.
وأما الأشعرية: فإنهم يثبتون النسخ، ويفسرونه بأنه رفع الحكم، أو انتهاء الحكم. وعلى التقديرين فإنه اعتراف بوقوع التغير؛ لأن الذي ارتفع أو انتهى فقد عدم بعد وجوده.
وأيضا يقولون: إنه تعالى عالم بعلم واحد، ثم إنه قبل وقوع المعلوم يكون متعلقا بأنه سيقع، وبعد وقوعه يزول ذلك التعلق ويصير متعلقا بأنه كان واقعا. وهذا تصريح بتغير هذه التعلقات.
Shafi 112