وجاء في الفقرة الرابعة من هذه المادة ما يفيد:
أن الأقاليم التي كانت تابعة للسلطنة العثمانية، ووصلت إلى درجة من الرقي يعترف بقيامها كأمم مستقلة مع المشورة والمساعدة الإداريتين اللتين يسديهما إليها الانتداب إلى أن تستطيع حكم نفسها بنفسها، ويجب أن يكون لمشيئة هذه الأمم اعتبار أساسي في اختيار الدولة المنتدبة.
خامسا:
واعتمادا على ما سبق من الأدلة والتعهدات، وعلى الحق الطبعي لأمة العرب يكون الرجوع إلى وضع تصريح بلفور واعتماده بعد ذلك في صك الانتداب على فلسطين بتاريخ 24 يونية سنة 1922م عملا باطلا من أساسه لانعدام شرعيته.
عن هجرة اليهود
يرى المؤتمر أن من أكبر المصائب التي ابتليت بها فلسطين تلك الهجرة اليهودية المتدفقة؛ نتيجة لتصريح بلفور ، ومتى كان هذا التصريح باطلا، واعتداء صريحا على حق العرب فإن المنطق يقضي بإرجاع الحالة إلى أصلها، وعدم اعتبار هذه الهجرة من بدئها. لكن المؤتمر يرى مع ذلك رغبة منه في معاونة الحكومة الإنجليزية على حل هذه المسألة، واستبقاء لحسن العلاقات بينها وبين الأمم العربية والإسلامية - يرى المؤتمر أن يضحي الفلسطينيون، فيرضوا بالحالة الحاضرة، وهي بقاء اليهود الذين دخلوا فلسطين إلى الآن على حالتهم الحاضرة بشرط منع الهجرة الصهيونية من الآن منعا باتا، حتى لا يزداد البلاء، بسبب هذه الهجرة التي أضرت بالبلاد ضررا بليغا، وأدخلت فيها لغة أجنبية، لم تكن موجودة من قبل، وهي اللغة العبرية.
ومما يساعد الحكومة الإنجليزية على هذا الحل السخي لليهود أن تصريح بلفور نفسه - حتى بفرض بقائه صحيحا نافذا، وهو ما لا يقبله المؤتمر بحال - لا يفيد أن الحكومة الإنجليزية قد تعهدت بإنشاء دولة يهودية، وإنما التصريح بنصه، وبما ورد على لسان رجالهم الرسميين يدل فقط على أن إنجلترا «تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي.»
هذا إلى أن النص وهو «النظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين»، لم يقل: «جعل فلسطين مؤسسة يهودية»، وفرق ظاهر بين الحالتين.
ومتى كان الأمر كذلك، ولم تقل إنجلترا مطلقا: إنها تعهدت بإنشاء وطن لليهود ولا أن يكون هذا الوطن دولة، ولا أن تكون فلسطين هي الدولة، فلا حرج إذن على إنجلترا إذا قالت الآن: إنها قد نفذت ما وعدت به اليهود، بتسهيل هجرتهم إلى الآن، في فلسطين حتى بلغ مجموعهم نحو أربعمائة ألف يهودي، وهو أمر يحقق فكرة النظر بعين العطف إلى إنشاء الوطن القومي للشعب اليهودي في فلسطين، والقول بخلاف ذلك يقلب التصريح إلى تعهد بتهويد فلسطين، وهو ما لا تتحمله نصوصه. ويغضب المسيحيين والمسلمين، في جميع أقطار الأرض، ويحاربه العرب والمسلمون بكل ما أوتوا من قوة.
ولا يرى المؤتمر بعد ذلك محلا للتنبيه إلى الخطر المحدق بفلسطين من جراء تدفق الهجرة اليهودية، بالطريقة التي عليها الآن، فإن هذا الخطر ثابت من تقارير اللجان الملكية، وأخصها تقرير لجنة «شو».
Shafi da ba'a sani ba