سابعًا: تقلده منصب القضاء:
يعد القضاء إحدى الوسائل الهامة المتصلة اتصالا وثيقًا بحياة الناس، ومن أهم الولايات المرتبطة بتيسير أمور المجتمع، وفض النزاعات، والفصل في الخصومات الدائرة بين الناس في حياتهم، وإظهار حقوق الله تعالى، وحقوق العباد، فهو مسؤولية كبيرة، وأمانة عظيمة ذات خطورة متناهية.
وقد تولى النبي ﷺ القضاء وكذلك خلفاؤه الراشدون من بعده، ونصبوا القضاة في سائر الأمصار ليقيموا موازيين العدل بين الناس، إذ أن تحقيق العدل في المجتمع من أهم الأمور التي ينبغي تحقيقها، فهو عمل جليل بحد ذاته.
ولذلك فإنه لابد لمن يتولى منصب القضاء أن يكون مؤهلًا للقيام بتلك المسؤولية وتحمل أعبائها وتبعاتها، والصبر على ما يواجهه من الخصوم، وقبل ذلك كله علمه بالأحكام الشرعية وكيفية استنباطها فيما يجد عنده من القضايا، متحليا بصفة العدل والإنصاف، ذكيا فطنًا ذا قدرة على كشف الحقائق وتمييز الأمور، أمينا وضيء الفكر ثاقب النظر بعيدًا عن مواضع التهمة والشك والريب.
ولقد كان المصنف ﵀ واحدًا ممن تولوا منصب القضاء حيث عمل نائبا في القضاء عند إقامته بمدينة حلب، ثم لما قدم مكة واستقر بها ولي قضاء الحنابلة فيها بعد موت القاضي عبد اللطيف بن محمد الفاسي المتوفي سنة (٨٥٣هـ) ١ وقد سعى له في ذلك تلميذه
_________
١ السحب الوابلة٣٤٥،٢٤٥.
1 / 23