وإذا عرف السامع من هذه الجملة ما ألقيناه، واستبطن مقصودها فليعلم أنا لم نتبع أهل البيت عليهم السلام من أجل أنهم آباؤنا وأهلنا، وإنما اتبعنا الدليل الذي دلنا عليهم، وأرشدنا إليهم، وكيف لا يكونون عليهم السلام كذلك وهم أهل بيت الرحمة وموضع العصمة، وقرار الرسالة، وإليهم كان مختلف الملائكة، وهم معدن العلم وغاية الحكم، من شجرة باسقة الفروع طيبة النبع، ثابتة الأصل دائمة الأكل، قد ساخت عروقها، فهي طيبة الثرى ، واهتزت غصونها فهي تنطف بالندي، وأورقت منضرة، ونورت مزهرة، وأثمرت موفرة، لا تنقص ثمارها الجناة، ولا يشرعها السقاة، فمن نزل بها، وآوى إليها ورد حياضا تفيض، ورعى رياضا لا تخيض، وشرب شرابا رويا هنيا مريا، عريضا فضيضا، فروى وارتوى من قرار روي بدلاء مبذولة غير ممنوعة، معروضة غير مقطوعة، فمن تبعهم نجا، ومن استمسك بهم فقد استمسك بالعروة الوثقى ولله القائل:
بآل محمد عرف الصواب .... وفي أبياتهم نزل الكتاب
وهم حجج الإله على البرايا .... بهم وبجدهم لا يستراب
ولاسيما أبو حسن علي .... له في المجد مرتبة تهاب
طعام حسامه مهج الأعادي .... وفيض دم الرقاب له شراب
وبين حسامه والدرع صلح .... وبين البيض والبيض اصطحاب
إذا طلبت صوارمه نفوسا .... فليس لها سوى نعم جواب
وضربته كبيعته بخم .... معاقدها من الناس الرقاب
هو النبأ العظيم وفلك نوح .... وباب الله وانقطع الخطاب
هو البكاء في المحراب ليل .... هو الضحاك إن آن الضراب
تروى لأعداء علي عليه السلام، والحق ما شهدت به الأعداء .
Shafi 46