البرهان السابع:
لما كان العالم ذا أجزاء وأبعاض، وكان كل بعض مختص بمعنى هو في البعض الآخر معدوم، من ضياء، ولطافة وكثافة، وشفافة، ونور، وظلمة، وكان لو كان هذا العالم قديما لم يتقدمه صانع صنعه ورتبه كما هو لكان لا يكون اختصاص جرم الشمس بأن يكون مضيئا أولى من جرم الأرض، ولا اختصاص جرم الماء بأن يكون رطبا سائلا أولى من النار، ولا اختصاص الهواء بأن يكون لطيفا أولى من الأرض، ولا اختصاص جرم الأرض بأن يكون كثيفا ثقيلا أولى من الهواء والنار.
وكان لما كان الاختصاص في أبعاضه موجودا كان منه ألا يجاب بأنه لعلة صار البعض مختصا بمعنى هو في الآخر معدوما، وإذا حصلت العلة وجب أن يكون له فاعلا فعله، إذ لولا كان الفاعل وتخصيصه كل بعض ما هو يختص به لكان مع عدم الفاعل لا يجب اختصاص بشئ منه، بمعنى دون الآخر، ولكانت الابعاض كلها شيئا واحدا، إما كثيفا، أو لطيفا، أو مضيئا أو مظلما. إذا للعالم صانع، فالصانع ثابت.
Shafi 32