فقال مرزبان: أعلم أيها الوزير الناصح والشفوق الصالح أن الملك بمنزلة الشمس المشرقة والرعية بمنزلة السراج وإذا تلألأت أشعة الشمس المشرقة على صفحات الأكوان فأي نور يبقى للسراج وأن قلوب الرعايا من فيضات أشعة قلوب الملوك فإذا صفت مرآة قلب الملك أشرقت قلوب الرعية بل والزمان والمكان كما قيل إذا تغير السلطان تغير الزمان وقد ذكر المؤرخون في قضايا لملك بهرام جور أنه في بعض الأوقات عزم على الصيد وخرج في عسكره فبينما هم في البرية وكل من الجند وجه إلى صيده إذ غيمت الدنيا وانطبقت الآفاق بالغيوم واستترت الشمس في النقاب وأرسلت عيون السحاب ومعها المدرار وجنات تجري من تحتها الأنهار وأقبلت السيول تجري في مضمارها كالخيول. فشتتت الخيول والعساكر عن بهرام فقصد قرية من القرى ونزل طالبًا القرى منفردًا من عسكره مخفيًا سر خبره فاتفق نزوله في بيت رئيس القرية ولم يشعر به الرئيس فلم يقم بواجبه فتنكد لذلك خاطره وتغيرت نيته ولكن لم يظهر أثر ذلك فلما أمسوا أقبل الراعي بالمواشي وذكر للرئيس أن حليب المواشي نقص عن عادته مع أن رعيها كان أحسن من كل يوم فتعجب من ذلك وكان للرئيس بنت تسجد الأقمار لخدودها وتنقصف الأغصان إذا ماست في الرياض عند ورودها، فلما سمعت كلام الراعي قالت: والله ما يكون سبب ذلك إلا خاطر سلطاننا تغير علينا فظهر لذلك النقص في حلب مواشينا وقد قيل إذا هم الحاكم بالجور على الرعايا أدخل الله تعالى النقص في أموالهم حتى الزرع فقال الرئيس إذا كان كذلك فلا مقام لنا في هذه القرية والأولى أن نرتحل منها إلى نستريح في ظل حاكمه فقالت البنت: إن كان ولابد من الارتحال فالأولى أن نتكلف لهذا الضيف بما عندنا فإنا لا نقدر على نقل جميع ما
1 / 24