ذلك أننا متى قتلنا أكلنا. ولا أكل بلا قتل في عصر الصيد.
هذا هو عصر الصيد الذي يعود إلى ما قبل 114 ألف سنة في مصر، ولم ينته إلا بعد ظهور الزراعة. ولكن عصر الصيد هذا لا يزال حيا إلى وقتنا في أمم أو قبائل متوحشة. وكان هذا العصر خطوة ارتقائية كبيرة إذ هو أوجد مجتمعا بين الرجال وأوجد آلات للصيد، وأوجد كلمات جديدة فتقت الذهن وولدت ثقافة بدائية، وأوجد العائلة والبيت.
ولكنه كان نكبة على المرأة.
ذلك أنه جعل الصيد الوسيلة للقمة العيش. ولما كانت المرأة عاجزة بحملها أو رضيعها أو أطفالها عن الصيد فإن كاسب هذه اللقمة قد أصبح سيدا عليها. ولكن هذه السيادة لم تكن شيئا خطيرا، وإنما الخطير في عصر الصيد هذا هو كلمة دم.
لم يكن هناك صيد بلا دم؛ أي بلا قتل.
وحتى إذا فرضنا أن الصيد قد وقع في أحبولة أو حفرة، فإنه لن يؤكل إلا بعد أن يقتل وينزف دمه.
الدم عند الإنسان في عصر الصيد كان يعني القتل؛ أي الموت.
وإذن أصبح الإنسان في عصر الصيد يعتقد أن أشأم كلمة يسمعها، وأشأم منظر يراه، هما كلمة الدم ومنظره؛ ومن هنا نشأت الدمامة من الدم. والدميم هو قبيح الوجه.
ولكن هذا المعنى قد هذب عن أصله؛ لأن الأصل كان يرجع إلى السحر الذي كان عمدة الثقافة والمنطق عند الإنسان في عصوره القديمة. فكان الدم شؤما ونذيرا بالهلاك، إذا رآه أحد فإنه يجب أن ينتظر سفك دمه وموته أو جرحا على الأقل.
ومن هنا كلمات: الطيرة والشؤم واليمن والفأل. ومن هنا الطلاسم والتعاويذ والتمائم.
Shafi da ba'a sani ba