مزيد بحث لا يليق بهذه الرسالة، قد حررناه في شرح الإرشاد (1)، وأفردناه في محل آخر. (2)
وإنما يشترط في صحتها الإسلام (لا في وجوبها)، بمعنى أنها تجب على الكافر كما تجب عليه سائر التكاليف السمعية عندنا؛ لدخوله تحت الأوامر العامة، لكن لا تصح منه ما دام على كفره. ثم إن مات على الكفر عذب على تركها، أو على فعلها على غير وجهها كما يعذب على ترك الإيمان.
وخالف في ذلك أبو حنيفة (3)، حيث ذهب إلى كونه غير مكلف بفروع الشريعة حالة انتفاء شرطها عنه، وهو الإيمان.
لنا: لو كان حصول شرط الفعل شرطا للتكليف به لم تجب صلاة على محدث؛ لانتفاء شرطها وهو الطهارة، ولم تجب صلاة قبل النية؛ لأنها شرطها. وذلك معلوم البطلان بالضرورة، ووقوعه دليل على جوازه.
ويدل عليه قوله تعالى ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين (4) صرح بتعذيبهم بترك الصلاة.
واحتجاجه بأنه لو كلف بالفروع لصحت منه- لأن الصحة موافقة الأمر، واللازم منتف، ولأمكن الامتثال؛ لأنه شرط التكليف فلا ينفك عنه، وهو غير متحقق؛ لأنه في حالة الكفر غير ممكن وبعده يسقط الأمر عنه- ضعيف؛ لأنا لا نريد أنه مأمور بفعله حال كفره، بل بأن يؤمن ويفعل كالمحدث، وهو ممكن في حال الكفر، غايته أنه مع الكفر لا يمكن، وذلك ضرورة بشرط المحمول، لا ينافي الإمكان الذاتي، كقيام زيد في وقت عدم قيامه فإنه ممكن وإن امتنع بشرط عدم قيامه، وتحقيق المسألة في الأصول، وهذا البحث كله آت عندنا في المخالف كما بيناه.
Shafi 37