الفقهيات، وتكررت عليه النوازل، وحضر كثيرا من مجالس الشورى، وله معرفة ببواطنها، ولا يخرج إلى الشاذ في فتواه إلا لغرض دنيوي فيما رأيته وسمعته، وربما ارج عن الجميع، ويطرز فتواه بحكايات ونقول عمن كان عاصره وتوجيهات حتى الظنها الظان أنها صواب، وله فصاحة قلم دون لسان، وبالجملة له حظ وافر عمن سوا ففيي المعرفة والاطلاع لم تكن لمن بعده وإن كان لم يصل بها من سبق، ومع ذلك كان ايأخذ الأجر على فتواه تارة بالاشتراط وتارة مكارمة، وكان كثير المداعبة حتى الصبيان، يحب التهاتر إلا أنه كان في غالب أحواله منصفا ووحكى لي غير واحد أنه كانت بينه وبين الجد عبد الكريم مجالس ولا يرجع فيها إلا لقول الجد، وكان مع ذلك يدعي شيخوخة الجد له وإن كان أسن منه .
القضية المختاري اليهودي: فمن مواطنهما قضية المختاري أو غيره، وكان قبل أن يسلم يهوديا، ثم إنه اسلم فخدم في جملة شرط الأمير(1)، فوقع ذات يوم مع بعض أناس له مشاجرة إلى 12 أن تعاطى فيها/ جناب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما، فحبس وسجن، وواستفتىء في أمره أهل الشورى، وبلغ الأمر إلى الجد فقال بموته واشتهر الأمر إلى غيره منهم أبو زكرياء يحيى المذكور، وكان إذ ذاك مخالطا للولاة(2)، ولهم معه مشورة ففي أحوال الرعايا واستجلاب فوائدهم.
عصب جند الشرط وحراس باب قصبة البلد المذكورة ورفعوا أمرهم إلى الوالي وسلخوا أنفسهم من وظيف(3) الحراسة وغيرها مما لديهم، وقالوا في اعتذارهم ان يمت صاحبهم المختاري يتجاسر على جماعتنا ولا يبقى لنا بين أهل البلد حرم ولا اعز، وعضوا ممن (4) شهد عليه وقالوا إن أهل البلد يبغضون في جانبنا ونحو ذلك من تقولاتهم الملقنة لهم(5).
(1) أي باي قسنطينة.
) في الأصل (الولات)، ويقصد بهم الحكام والبايات.
) في الأصل (وضيف) ، ويقصد ب (سلخوا أنفسهم) استقالوا من وظيفة الشرطة والحراسة.
(4) كذا (عضوا ممن...) والمعنى أنهم هددوا من شهد ضد المختاري، وإن كان اللفظ غير مستقيم.
(5) يفهم من هذه التعابير (أهل البلد يبغضون في جانبنا... تقولاتهم الملقنة لهم) أن هناك إحساسا بالعداوة ان أهل الحضر والسلطة العثمانية ممثلة في الوالي والجند والشرطة الخ.
Shafi da ba'a sani ba