النياحة
وأما قوله: (ونهى عن النياحة) .
فإن النوح من فعل النادمين على الذنوب، وهو (ستيون) بالأعجمية. وأما أهل المصائب فهذا منهم محال؛ لأنه من السخطة. وأهل الذنوب ينوحون ندما على ما فرط منهم من الجفاء وأسفا على ما فاتهم من المركز الذى أحلوا به؛ فإن لكل مؤمن مركزا بين يدى الله، وهو حزب الله؛ فإذا أذنب، فقد زال عن المركز، وخرج من الستر، فتفرد عن المأمن. فهو ينوح على ذلك. فهذا نوح التوبة فإن النوح ظاهر فعله، والحنين باطن فعله، حن إلى المركز فناح عليه؛ لأنه وإن تاب؛ فإنه لا يقدر على رد تلك الساعات التى مضت في وقت المعصية، وقد زال عن المركز؛ ألا ترى إلى قوله عزوجل: (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) .
فمراكز الموحدين بين يدى الله نصب عينه، وعين الله عليهم؛ فإذا زال عن المقام، وتداركه الله تعالى بأن تاب عليه، ناح على تلك الساعات التى مضت ومركزه خال عن العبودية غائب عن حزب الله.
1 / 69