قوامه من ذلك الذي حله وحده أو مع شيء آخر ، أو أشياء أخرى اجتمعت ، فصيرت ذلك الشيء موجودا بالفعل ، أو صيرته نوعا بعينه.
وهذا الذي يحل هذا المحل ، يكون لا محالة موجودا لا في موضوع ؛ وذلك لأنه ليس يصح (1) أن يقال : إنه في شيء ، الا في الجملة أو في المحل ، وهو في الجملة كجزء. وكان الموضوع ما يكون فيه الشيء وليس كجزء منه ، وهو في المحل ليس كشيء حصل في شيء ، ذلك الشيء قائم بالفعل نوعا ، ثم يقيم الحال فيه. بل هذا المحل جعلناه إنما يتقوم بالفعل بتقويم ما حله ، أو جعلناه (2) إنما تتم (3) له به نوعيته إذا كانت نوعيته إنما تحصل (4) به أو تصير له نوعية باجتماع أشياء جملتها تكون (5) ذلك النوع.
فبين أن بعض ما في المحل ليس في موضوع.
وأما إثبات هذا الشيء الذي هو محل دون موضوع ، فذلك علينا إلى قريب.
وإذا أثبتناه ، فهو الشيء الذي يخصه في مثل هذا الموضوع باسم الصورة ، وإن كنا قد نقول لغيره أيضا صورة باشتراك الاسم. وإذا كان الموجود لا في موضوع هو المسمى جوهرا ، فالصورة أيضا جوهر. فأما المحل الذي لا يكون في محل آخر ، فلا يكون في موضوع لا محالة ، لأن كل موضوع في موجود (6) فهو موجود فى محل ، ولا ينعكس ، فالمحل الحقيقي أيضا جوهر ، وهذا المجتمع أيضا جوهر. انتهى موضع الحاجة من كلامه.
ومضمونه واضح ، إلا أنه لا يستبين منه بيان غلط ما أسنده إلى كثير ممن يدعي المعرفة ، من تجويز كون شيء واحد جوهرا وعرضا معا بالقياس إلى شيئين. وبيان خلطهم الذي قال إنه أشبع القول فيه في أوائل المنطق ، وما ذكره فيها ، وإن لم يكن الآن في نظرنا ، إلا أن فيما ذكره هنا في بيان أنه بمجرد إطلاق الكمال على النفس لا يعلم منه أنها جوهر أو عرض ، كأنه إشارة أيضا إلى بيان ذلك الغلط والخلط كما سنبينه.
وبالجملة ، فبيان ما ذكره هنا يتوقف من وجه على فهم ما نقلناه عنه في الإلهيات ، وكذلك بيان ما ذكره ثمة يتوقف من وجه على ما ذكره هنا ، كما سيظهر ذلك كله عن
Shafi 62