388

النفس النباتية والحيوانية والإنسانية أولى من إطلاق الصورة عليها ، كما كان ذلك باعتبار الوجه الأول ، أي الشمول لجميع أنواع النفس من جميع الوجوه أولى.

وقوله : «وأيضا إذا قلنا : إن النفس كمال ، فهو أولى أن نقول : قوة ، وذلك لأن الامور الصادرة عن النفس.» إلى آخر ما ذكره بيان لأولوية إطلاق الكمال عليها من إطلاق القوة ، وقد عرفت تحريره مع ما فيه.

وقوله : «لكنا إذا قلنا : كمال ، لم يعلم من ذلك بعد أنها جوهر أو ليست بجوهر ، فإن معنى الكمال هو الشيء الذي بوجوده يصير الحيوان بالفعل حيوانا ، والنبات بالفعل نباتا ؛ وهذا لا يفهم عنه بعد أن ذلك جوهر أو ليس بجوهر ، لكنا نقول» إلى آخر ما ذكره .

بيان لأنه بمجرد إطلاق الكمال على النفس لا يثبت كونه جوهرا بالمعنى الذي اصطلح عليه ، إلا أن توضيحه يستدعي الإحاطة بما ذكره في إلهيات الشفاء في فصل تعريف الجوهر وأقسامه بقول كلي (1)

«قال : إن الوجود للشيء قد يكون بالذات ، مثل وجود الإنسان إنسانا ، وقد يكون بالعرض ، مثل وجود زيد أبيض. والامور التي بالعرض لا تحد. فلنترك الآن ذلك ولنشتغل بالموجود ، والوجود الذي بالذات.

فأقدم أقسام الموجودات بالذات هو الجوهر ، وذلك لأن الموجود على قسمين :

أحدهما : الموجود في شيء آخر ، ذلك الشيء الآخر متحصل القوام والنوع في نفسه ، وجودا لا كوجود جزء منه ، من غير أن يصح (2) مفارقته لذلك الشيء ، وهو الموجود في موضوع.

والثاني : الموجود من غير أن يكون في شيء من الأشياء بهذه الصفة ، فلا يكون في موضوع البتة ، وهو الجوهر.

وإن كان ما اشير إليه في القسم الأول موجودا في موضوع ، فذلك الموضوع لا يخلو

Shafi 60