إعادة المعدوم بالمرة بعينه ، فإنه على هذا المذهب أيضا لا يلزم انعدام البدن ولا أجزائه ، إنما المعدوم هو التأليف الخاص ، والموت عبارة عن تفرق تلك الأجسام التي هي أجزاء للجسم ، والعود عبارة عن اجتماعها بتأليف ثان مجدد ، مثل الأول. وعلى هذا أيضا فالبدن المعاد عين المبتدأ باعتبار وغيره باعتبار آخر أي في التأليف.
وأما الذين قالوا بأن حقيقة الجسم هو الصورة الاتصالية ، وأنها تبقى بعينها حال الانفصال كما هو مذهب الإشراقيين ومن تبعهم فيه ، كالمحقق الطوسي رحمه الله وغيره ، وحاصل مذهبهم أن الجسم جوهر متصل في حد ذاته ، ليس بذي مفاصل وأجزاء بالفعل ، كما هو عند الحس يقبل الانقسام الوهمي والانفكاكي إلى ما لا يتناهى ، وأن ذلك الجوهر المتصل قائم بذاته غير حال في شيء آخر ، وهو الجسم المطلق ، فهو عندهم جوهر بسيط لا تركيب فيه بحسب الخارج أصلا ، قابل لطريان الاتصال والانفصال عليه مع بقائه في الحالين في ذاته ، فهو من حيث جوهره وذاته يسمى جسما ، ومن حيث قبوله للصور النوعية التي لأنواع الجسم يسمى هيولى ، فكذلك لا يلزم عليهم إعادة المعدوم بالمرة كما دل عليه كلام المحقق الدواني الذي نقلناه ، وهذا أيضا ظاهر يظهر بالتأمل في مذهبهم ، لأن ملخصه كما ذكره بعض الفضلاء أنهم يقولون إن الاتصال وإن كان لازما لجوهر الجسم ، لكنه لازم له في جميع الجهات في حاق ذاته وصرف وجوده ، وهو وحده تمام حقيقة الجسم ، ولا يلزم من طريان الانفصال عليه انعدامه رأسا ، وذلك لأن الاتصال اللازم من انتفاء الجزء ومثله إنما هو بمعنى توسع الذات والانبساط في الجهات ، وهو مشتمل بمحض مفهومه على حدود مشتركة بين أجزائه كالنصف والثلث وغير ذلك ، والانفصال في كل حد إنما يقابل الاتصال في ذلك الحد بعينه دون سائر الحدود ، فإذا انفصل في حد النصف مثلا فإنما يبطل اتصاله فيه فقط ، وهو باعتبار سائر الحدود باق متصلا كما كان. نعم لو كان الاتصال معنى وحدانيا غير ذي حدود ، أو كان الانفصال يعرضه في جميع حدوده الممكنة فيه لأدى إلى انعدامه بالكلية ، وإذ ليس فليس.
والمحصل أن الاتصال الذي هو تمام حقيقة الجسم ، هو الاتصال في الجملة ، فما دام يبقى ذلك الاتصال في الجملة لم ينعدم الجسم بالكلية.
فعلى هذا المذهب أيضا يكون البدن المعاد عين البدن الأول المبتدأ باعتبار ، أي
Shafi 83