عين الأول باعتبار ، وغيره أي مثله باعتبار آخر.
ولعل هؤلاء الجماعة قالوا بهذا المذهب مع بطلانه ، لأجل تصحيح المعاد الجسماني ، وهربا عن لزوم الإشكال الوارد في زعمهم على تقدير كون الاتصال جزءا صوريا للأجسام ، وهذا الذي ذكرنا ظاهر على المتدبر.
وقد قال الشارح القوشجي في شرح التجريد في قول مصنفه : «والمعدوم لا يعاد بعينه» :
«اختلفوا في جواز إعادة المعدوم بعينه أي بجميع عوارضه المشخصة فذهب أكثر المتكلمين إلى جوازها ، وذهب الحكماء وبعض الكرامية وأبو الحسين البصري ومحمود الخوارزمي من المعتزلة إلى امتناعها ، واختاره المصنف. وهؤلاء وإن كانوا مسلمين معترفين بالمعاد الجسماني ينكرون إعادة المعدوم ، لأنهم لا يقولون بانعدام الأجساد ، بل بتفرق أجزائها وخروجها عن الانتفاع ، ويأولون بذلك الظواهر الواردة في هذا المعنى ، ويؤيده قصه إبراهيم عليه السلام . انتهى.» (1)
وقال المحقق الدواني في الحاشية على قوله : «لا يقولون بانعدام الأجساد» :
«وهذا بناء على نفي الجزء الصوري للأجسام وحصر أجزائه في الجواهر الفردة ، كما هو مذهب المتكلمين ظاهر ، وكذا على مذهب المصنف حيث قال بأن حقيقة الجسم هو الصورة الاتصالية وأنها تبقى بعينها حال الانفصال. ولو أثبت الجزء الصوري في الأجسام ، قيل يكفي في المعاد الجسماني كون الأجزاء المادية هي بعينها ، ولا يقدح فيه تبدل الجزء الصوري بعد أن كان أقرب الصور إلى الصور الزائلة.
فإن قيل : فيكون تناسخا ، قيل : الممتنع عندنا هو انتقال النفس إلى بدن مغاير له بحسب المادة ، لا إلى بدن متألف من عين مادة هذا البدن وصورة هي أقرب الصور إلى الصورة الزائلة ، فإن سمي ذلك تناسخا فلا بد من البرهان على امتناعه ، فإن النزاع إنما هو في المعنى لا في الألفاظ. انتهى.» (2)
وقال المحشي الشيرازي في الحاشية على قوله : «هذا بناء على نفي الجزء الصوري
Shafi 80