في الإشارة إلى مبنى القول بالمعاد
وإذا عرفت ذلك فاعلم : أن القائلين بالمعاد حيث كان السبب العمدة في قولهم به تصديق الشرع القويم ، يجب عليهم تصديقهم به كما أتى به الشارع العليم الحكيم ، وحيث ورد الشرع بمعاد البدن والنفس جميعا ، كما ورد بموتهما جميعا على ما دلت عليه الآيات المتقدمة فيجب عليهم تصديق ذلك جميعا وإن كانت مذاهبهم مختلفة في كيفيته ، فلنفصل ذلك في كل من معاد البدن والنفس وكذا في موتهما.
أما موت البدن فلا شبهة لأحد فيه على ما يشاهد بالحس والعيان وسيظهر أيضا بيان كيفيته.
في الإشارة إلى مبنى معاد البدن
وأما معاده ، فالذين قالوا بنفي الجزء الصوري في الأجسام وحصر أجزائه في الجواهر الفردة أي أن مبادئ الأجسام جواهر فردة ، وأجزاؤه لا تتجزى ، والجسم عبارة عن تلك الأجزاء المتلاصقة المؤتلفة ، من غير أن يكون للاتصال مدخل في حقيقته وتقومه ، كما هو مذهب المتكلمين منهم ، فمعاد البدن عندهم عبارة عن اجتماع تلك الأجزاء المتفرقة بالموت بتأليف مجدد وإلصاق ثان ، كما أن موته عبارة عن ذلك التفرق وانعدام التأليف الأول ، فلا يلزم عليهم انعدام البدن ولا أجزائه بالموت ، ولا أن يكون إعادته إعادة المعدوم. نعم يلزم عليهم القول بانعدام ذلك التأليف الخاص الأول ، ثم حصول مثل ذلك التأليف في الحشر.
فعلى هذا فالبدن المعاد عين البدن المبتدأ باعتبار أجزائه ، ومثله باعتبار التأليف ، فهو
Shafi 79