174

صورة أو مبدأ صورة ، لا من حيث هي موجودة مجردة ، وليس بشرط في وجودها ، والشيء إذا حدث فلا يفسد بفساد ما هو شرط في حدوثه ، كالبيت فإنه يبقى بعد موت البناء الذي كان شرطا في حدوثه ، وربما يتوهم منه أنه حمل اعتراض الإمام على وجهين :

الأول من جهة احتمال كون البدن علة قابلية للنفس ، وحاملة لإمكان حدوثها وفسادها.

والثاني من جهة احتمال كون البدن شرطا بالمعنى المصطلح لحدوث النفس ، فتنتفي هي بانتفائه ، كما هو شأن الشرط والمشروط به.

وانه حيث أجاب عن الاعتراض بالوجه الأول كما بيناه ، شرع في بيان الجواب عنه على الوجه الثاني ، بأنه يجوز أن يكون البدن مع هيئة مخصوصة شرطا في حدوث النفس ، وأن لا تفسد بفساد البدن ، كما في البناء والبيت.

وهذا التوهم باطل ، لأن الشرط بالمعنى الخاص المصطلح كما سبق بيانه ، هو ما يتوقف وجود مشروطه على وجوده ، وينتفي مشروطه بانتفائه ، فكيف يصح ادعاء خلاف ذلك. وأيضا كيف يصح التمثيل المذكور ، فإن البناء ليس شرطا في وجود البيت ، حيث إن التحقيق أن البناء ليس شرطا في وجود البيت ، ولا علة لقوامه ، بل إن البناء علة لوجود حركة خاصة صادرة منه ، وتلك الحركة علة معدة لوجود البيت ، فلذا يبقى البيت بعد انعدام تلك الحركة بل بعد انعدام ذات البناء أيضا ، وإن اجتمع وجوده مع وجوده أيضا ، لكن لا يجتمع وجوده مع وجود تلك الحركة.

وهذا الذي ذكرناه موافق لما حققه الشيخ في إلهيات الشفاء في فصل في الفرق بين العلل الحقيقية والعلل بالعرض ، كما يظهر على من راجع إليه. (1)

فعلى هذا فالظاهر منه أنه حمل اعتراض الإمام على الوجه الأول خاصة ، وحمل الشرط في كلامه على ماله مدخل في وجود النفس في الجملة ، وإن كان على سبيل القابلية لها أو على سبيل كونه علة معدة لها ، فأطلق اسم الشرط على البدن متابعة للإمام في ذلك ، فقال : إن هذا الاشتراط والمدخلية.

Shafi 223