فقام بي حتى أتى داره، فألقت له الوليدةُ (^١) وسادةً، فجلسَ عليها، وجلستُ بين يديه، فحمدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: "ما يُفِرُّكَ (^٢)؟ أَيُفِرُّكَ أنْ تَقُوْلَ: لا إلهَ إلا الله؟ فَهَل تعلمُ مِن إلهٍ سوى الله"؟ قلتُ: لا، ثم تكلَّم ساعةً، ثم قال: "إنما تَفِرُّ أن تقول: الله أكبر، أَوَ (^٣) تَعْلَمُ شيئًا أكبرُ مِنَ اللهِ؟ " قلتُ: لا، قال: "فإن اليهودَ مغضوبٌ عليهم، وإن النصاري ضُلَّال".
قال: قلت: فإني حنيف مسلم. قال: فرأيتُ وجْهَه ينبسِطُ فرحًا، وذكرَ حديثًا طويلًا.
رواه الترمذي (^٤) وحسَّنه (^٥).
وفي كتاب الله ما يدلُّ على معنى هذا الحديث، مثل قوله: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٦٠]، والضمير عائد إلى اليهود والخطابُ معهم، كما دلَّ عليه سِياق الكلام.
_________
(^١) أي: الجارية.
(^٢) أي: ما يحملك على الفرار.
(^٣) كذا في الأصل، وفي "الاقتضاء" و"المصادر": "و".
(^٤) رقم (٢٩٥٣).
(^٥) تمام عبارته: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سِماك بن حرب" اهـ والحديث أخرجه أحمد في "المسند": (٣٢/ ١٢٣ رقم ١٩٣٨١)، وابن حبان "الإحسان" (١٦/ ١٨٣) وغيرهم من طرقٍ عن سِماك بن حرب عن عبَّاد بن حُبيش به.
وفيه عبَّاد، قال الذهبي: لا يُعرف، وذكره ابن حبان في "الثقات": (٥/ ١٤٢)، ولم يرو عنه غير سِماك بن حرب، وسِماكٌ في حفظه مقال. ولبعض ألفاظ الحديث شواهد يتقوَّى بها.
1 / 19