فصلٌ
اعلم أن محمدًا] (^١) بعثه الله إلى الخلق وقد مقت أهلَ الأرض، إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا -أو أكثرهم- قُبيل مبعثه.
والناس أحد رجلين؛ إما كتابيٌّ مُعْتَصِم بكتابٍ؛ إما مُبدَّل، وإما مُبَدَّلٌ منسوخ، ودين دارس (^٢)، بعضه مجهول وبعضه متروك.
وإما أُمِّي من عربيٍّ وعجمي، مقبل على عبادة ما استحسنه وظنَّ أنه ينفعه من نجمٍ أو وثنٍ أو قبرٍ أو تمثال أو غير ذلك.
والناسُ في جاهليةٍ جَهْلاء، فهدى اللهُ الناسَ ببركة [نبوة] (^٣) محمد ﷺ، وبما جاء به من البيِّنات والهدي، هدايةً جلَّت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفةَ العارفين، فلله الحمد كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
بعثه بدين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم، وفَرَضَ على الخلق أن يسألوه هدايتَه كلَّ يومٍ في صلاتهم، ووصفَه بأنه: صراطَ الذي أنعم اللهُ عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
قال عديُّ بن حاتم ﵁: أتيتُ رسول الله وهو جالسٌ في المسجد، وجئتُ بغير أمانٍ ولا كتاب، فلما دفعتُ إليه أخذ بيدي، وكان قد قال قبل ذلك: "إنِّي لأرجو أن يجعلَ اللهُ يَدَه في يدي"، قال:
_________
(^١) ما بين المعكوفين متآكل في الأصل، إذ كان تكملةَ لحقٍ طويل، بدأ من قوله: "وبعد، فإني ... " فجاء في ذيل الصفحة، والإكمال مستفاد من "الاقتضاء": (١/ ٧٣ - ٧٤).
(^٢) أي: ذهبت معالمه.
(^٣) لحق بالهامش ولم يظهر، بسبب تداخله مع اللحق الطويل المتقدم.
1 / 18