Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

Cabd Allah Akhwad d. 1450 AH
55

Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Nau'ikan

ويعزز هذه الخطوة بثلاث عمليات كبرى من خلال «المعالجة البنيوية» و«التحليل التاريخي» و«الطرح الأيديولوجي». فهذا المستوى من التصور في رأيه هو القادر على حل معضلة اللاعلمية وتحقيق العلمية والعقلانية في الدراسة، والتفسير للتراث وفق نموذج العلوم الألسنية والإنسانية.

تعتبر مشكلة الموضوعية واحدة من المشكلات في هذا الفكر، فإذا رآها الجابري مدخلا أساسيا لحل إشكال المنهجية التي لم تعد عنده مسألة «اختيار بين منهج تاريخي وآخر وظيفي وثالث بنيوي، قد يصلح أحدها في ميدان وقد لا يصلح، وإنما لا تصلح إلا عندما يكون الموضوع - منفصلا عن الذات - يتمتع بنوع من الاستقلالية، فتكون مشكلة المنهج في هذه الحالة هي أولا وقبل كل شيء مشكلة الموضوعية.»

166

فإنها في نظري تزيد من تعميق المشكلة بدل حلها، فالموضوعية لم تتحقق حتى في أدق العلوم الفيزيائية والطبيعية، ويؤكد هذا الكلام حركة الاحتجاج والرفض للوحدة المنهجية والدعوة إلى الفصل بين النسقين، على اعتبار أن بين مجالات العلوم الطبيعية والإنسانية فروقات كبيرة، ولهذا استحالت الموضوعية في هذه العلوم ولم تجن ما كان منتظرا منها وأن «المحتويات المعرفية لتلك العلوم، بما فيها من فروض ونظريات لا تنجو من تأثيرات الأنساق الثقافية، فما يراه عالم الطبيعيات في الظاهرة التي يعاينها يتحدد على نحو وفق تصوراته واهتماماته السابقة، التي لا تستبعد أن يكون للسياقات الثقافية ضلع في تحديدها.»

167

فوقع بين المناهج الكمية والنوعية نوع من الاستقطاب الحاد - حسب تعبير المسيري - بين الموضوعي (في تأليه الكون وإنكار الذات) والذاتي (في إنكار الكون وتأليه الذات)، وبين فريق من فلاسفة القرن العشرين حاول حل إشكالية ثنائية الذات والموضوع عن طريق إلغائها تماما،

168

فالفصل بين الذات والموضوع هو اغتيال مزدوج للذات والموضوع معا، كما هو واضح عند اتجاه البنيوية الذي عرف بموت الإنسان أو فلسفة موت الإنسان.

169

فالمنهج الخارجي أو الأسباب المضمونية الخارجية - بتعبير طه عبد الرحمن - مطلوب في توصيف الظواهر لكن غير كاف في الحكم على الموضوع، بل لا بد من آليات داخلية ونظرة معيارية قيمية للموضوع خاصة بكل نسق معرفي، هكذا تتكامل الأبعاد بين التحليل الخارجي والمعيارية الداخلية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالثقافة العربية الإسلامية؛ ولهذا «فلا موضوعية لمن يجعل الصنفين صنفا واحدا والسببين سببا واحدا.»

Shafi da ba'a sani ba