Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Nau'ikan
9
هكذا شرع في بناء وتأسيس منهجه من خلال المحورين التاليين: (1-1) منهجية بناء المفاهيم والمصطلحات
تنطلق هذه المدرسة في عملية التجديد الفكري والمنهجي من نقطة ارتكاز في صناعة الأفكار وبناء المنهجيات، وتثبيت الأنظمة الفكرية، من بناء المفاهيم؛ إيمانا منها بأن المعركة اليوم هي معركة المفاهيم، إذا صحت صح الإنتاج المعرفي والمنهجي، وإذا فسدت فسد، وتعطلت مسيرة الأمة؛ ولهذا لا أحد ينكر أن «المجتمع المسلم اليوم يكابد من التحديات المعنوية مقدار ما يكابده من التحديات المادية، ويتصدر التحديات المعنوية ما يواجهه من تيه فكري ممثل في فتنة مفهومية كبرى لا يعرف كيف يخرج منها، إذ لا تفتأ تتوارد عليه كثرة متكاثرة من المفاهيم التي تضعها المجتمعات الأخرى، فيأخذ في التخبط في معاقدها ومغالقها، بل في متاهاتها وأحابيلها، لا قدرة له على استيعابها، ولا طاقة له على صرفها، والواقع أن المجتمع المسلم ما لم يهتد إلى إبداع مفاهيمه أو إعادة إبداع مفاهيم غيره، حتى كأنها من إبداعه ابتداء، فلا مطمع في أن يخرج من هذا التيه الفكري الذي أصاب العقول.»
10
فهذه الصناعة المفهومية هي التي تمنح للأمة حق الارتقاء - كما يقول طه - إلى رتبة الاستقلال في تقديم إجابات واقعية لمشكلاتها المعاصرة، ودفع التحديات التي تواجهها بعيدا عن تقليد تجارب الآخرين واستعارة ألسنتهم.
فقد خسرت الأمة معركتها الحضارية؛ لأنها خسرت معركة المفاهيم، وخاضت معاركها بأسلحة الغير لا بأسلحتها، كما تخوض الجيوش العربية معاركها - إن كانت لها معارك - بأسلحة مستعارة من الغرب، وهو يعلم مداها ومفعولها ومدة صلاحيتها، حتى إذا ما قدر لها أن ترد على الهجومات المباغتة أو المنظمة، فإن العدو يعلم أنها أسلحة خفيفة لا تقوى على المواجهة، وغير ذات مفعول في المعركة، ولهذا لم «تتعرض الأمة المسلمة في تاريخها لحرب مفهومية أو على الأصح لاعتداء مفهومي، تعرضها له في أيامنا هذه، وقد اتخذ هذا الاعتداء شكل إلزام الأمة بمفاهيم مخصوصة الغرض منها إعادة صياغة عقول المسلمين وأخلاقهم حتى يسهل قيادهم، سعيا وراء إفساد عاداتهم وطبائعهم (...) ويتبع «المعتدون المفهوميون» في هذا الإلزام أساليب عدة
11
ذكر منها ثمانية نماذج،
12
كلها تتجه إلى محو شخصية الأمة المفهومية الأصلية، وإدخالها في دائرة التزييف والاحتواء الحضاري والإملاء.
Shafi da ba'a sani ba