446

Littafin Manazir

كتاب المناظر

Nau'ikan

[228] وكذلك إذا لمح البصر الأسرة المتخذة من الخشب الأسود كالأبنوس وما جرى مجراه، وكانت الفصول التي بين ألواحه المتصلة في سطحه ضيقة، ولم يثبت البصر في مقابلة المبصر الذي بهذه الصفة بل لمحه والتفت عنه في الحال، فإن البصر في حال لمحه للجسم الذي بهذه الصفة لا يدرك الفصول التي بين ألواحه بل يدركه متصلا كأنه جسم واحد. وذلك لأن البصر في اللمحة الخفيفة ليس يتميز له مواضع الفصول والتفرق الذي بين تلك الألواح لسواد تلك الألواح وظلمة التفرق الذي بينها واشتباه السواد بالظلمة.

[229] وإذا أدرك البصر الأجسام المتضامة جسما واحدا متصلا فهو غالط فيا يدركه من اتصالها، وهو غالط في العدد أيضا إذا ظن بعدة أجسام أنها جسم واحد. والغلط في التفرق وفي الاتصال وفي العدد هي أغلاط في القياس لأن التفرق والاتصال والعدد إنما يدرك بالقياس. وعلة هلذه الأغلاط هو خروج الزمان الذي يدرك فيه البصر هذه المبصرات عن عرض الاعتدال، لأن المبصرات التي بهذه الصفة إذا أدركها البصر ولبث في مقابلتها زمانا مقتدرا وتاملها تأملا صحيحا فإنه يدرك الاتصال في المتصل منها ويدرك التفرق في المتفرق ويدرك عددها على ما هو عليه، إذا كانت المعاني الباقية التي في تلك المبصرات في عرض الاعتدال.

.ح.

[230] وقد يعرض الغلط في الحركة أيضا من أجل قصر الزمان. وذلك أن البصر إذا لمح متحركين يتحركان في وقت واحد كفارسين يتحاربان أو شخصين يتساعيان، وكانت حركتاهما مختلفة اختلافا يسيرا، ولم يلبث البصر في مقابلتهما بل التفت عنهما في الحال، فإن البصر يدرك المتحركين اللذين بهذه الصفة متساويي الحركة ولا يحس باختلاف حركتيهما إذا كان الاختلاف الذي بينهما يسيرا. وذلك أن الاختلاف اليسير الذي يكون بين الحركتين ليس يدركه البصر إلا بالتأمل المستقصى، وليس يكون إلا في زمان سعة، وليس يكون في أقل القليل من الزمان الذي هو لح البصر.

Shafi 509