[194] فإذا أدرك البصر المبصر في الضباب أو في القتام فليس يتيقن مقدار بعده وإن كان بعده مسامتا لأجسام مرتبة متصلة. وذلك لأنه ربما لم يدرك البصر وجه الأرض في الضباب أو القتام، وإن أدرك وجه الأرض فليس يدركه إدراكا صحيحا ولا يتحقق صورة مابعد عن قدميه في الأرض، ولا يتحقق وضع المبصر أيضا إذا كان مائلا على خطوط الشعاع، ولا يفرق بين سطح المبصر المائل وبين سطح المبصر المواجه إذا أدركه في الضباب أو القتام، وخاصة إذا كان المبصر في الضباب أو القتام وكان البصر في هواء لطيف. وإذا أدرك البصر المبصر ولم يتحقق مقدار بعده فربما ظنه بعيدا ويكون ذلك المبصر قريبا، وذلك في المبصرات المألوفة، لأنه يدرك صورة المبصر في الضباب وفي القتام مشتبهة غير بينة. وربما ظن بالبصر أنه قريب، ويكون المبصر بعيدا، كالبال والروابي. فإن البصر إذا أدرك الجبال من وراء الضباب والهواء الغليظ فإنه يظنها قريبة وهي مع ذلك بعيدة. وذلك لعظم صورتها، لأن البصر إذا أدرك عظمها فليس يدرك سطح الأرض القربب منه الذي بينه وبينها إدراكا صحيحا، لأن عظمها إنما هو لقر بها. وإذا ظن البصر بالبصر القريب أنه بعيد وبالبعيد أنه قريب فهو غالط في بعده.
.ب.
[195] وكذلك إذا أدرك البصر المبصر في الضباب وفي القتام، وكان مائلا على خطوط الشعاع، فإنه يظنه مواجها، لأنه إذا أدركه في الضباب وفي القتام فليس يدرك صورته إدراكا محققا، وليس يدرك اختلاف أبعاد أطرافه لأنه ليس يتحقق مقدار بعده. وإذا لم يدرك اختلاف أبعاد أطرافه فليس يدرك ميل سطحه، وإذا لم يدرك ميل سطحه فإنه يدركه كأنه مواجه. وإذا أدرك البصر المبصر المائل كأنه مواجه فهو غالط في وضعه.
.ج.
Shafi 497