[185] وقد يعرض الغلط في الحسن والقبح أيضا من أجل فرط الشفيف. وذلك أن الأواني المشفة كالبلور والزجاج إذا كانت أشكالها حسنة وكانت صافية الشفيف وكان في تضاعيفها مواضع متلونة بألون غير مستحسنة كالعيوب التي تكون في البلور والزجاج، وكانت تلك المواضع تشين تلك الأواني وتقبحها، فإن البصر إذا أدرك الأواني التي بهذه الصفة وهي خالية فإنه يدرك شفيفها ويدرك المواضع التي تشينها، وإذا أدرك المواضع التي تشينها فهو يدرك صورتها مستقبحة. فإذا كان في تلك الأواني شراب قوي اللون، مع ذلك حسن اللون، فإن تلك الأواني تظهر حسنة الصورة لحسن أشكالها وحسن الشراب الذي فيها ولا تظهر تلك المعاني التي تشينها، لأن لون الشراب الذي في داخلها يخفي تلك المواضع التي فيها. وإذا أدرك البصر الأواني التي بهذه الصفة، ولم يكن أدركها من قبل، فإنه يدركها حسنة الصورة ويحس بقبحها. وإذا أدرك البصر المبصر القبيح حسنا فهو غالط في حسنه.
[186] وعلى هذه الصفة بعينها يعرض الغلط في قبح المبصر من أجل الشفيف.
[187]وذلك أن الأواني المشفة المحكمة الصنعة التي فيها نقوش وتماثيل مستحسنة إذا كانت أشكال تلك الأواني مستقبحة، وكان فيها شراب قوي مظلم اللون أو شيء من الأجسام السيالة المتلونة بألوان غير مستحسنة، فإن البصر يدركها مستقبحة ولا يحس بشيء من محاسنها إذا كانت في غاية الشفيف. لأنها إذا كانت في غاية الشفيف لم تظهر النقوش التي فيها، أولم تظهرعلى ماهي عليه. وإذا كانت أشكالها مستقبحة والشراب الذي فيها مستقبح اللون فالبصر يدرك مقابحها ولا يدرك محاسنها.
[188] وإذا أدرك البصر مقابح المبصر ولم يدرك محاسنه فهو يدركه مستقبحا. وإذا أدرك البصر المبصر الذي بهذه الصفة مستقبحا فهو غالط فيما يدركه من قبحه.
[189] وعلى هذه الصفة بعينها يعرض الغلط في التشابه والاختلاف من أجل فرط الشفيف. وذلك أن المبصرين إذا كانا مشفين، وكانا متشابهين في أشكالهما وفي شفيفهما، وكانت فيهما نقوش وخروش وتماثيل، وكانت النقوش التي في ذينك المبصرين مختلفة، وكان المبصران في غاية الشفيف، وكان فيهما شراب متشابه اللون، فإن البصر يدرك المبصرين اللذين بهذه الصفة متشابهين ولا يحس بشيء من اختلافهما ولا يحكم لهما بشيء من الاختلاف. وإذا أدرك البصر المبصرين المختلفين في معنى من المعاني متشابهين على الإطلاق، ولم يحس باختلافهما، فهو غالط في تشاببههما.
Shafi 495