[19] وأيضا فإن المبصر إذا تباعد بعدا متفاوتا فإن صورة لونه تتغير وتضعف. وذلك أنه قد تبين أن صورة اللون كلما بعدت عن اللون الذي عنه تصدر الصورة ضعفت، وكذلك صورة الضوء. فإن كان المبصر رقيق اللون أو سحابي اللون وكان بعده عن البصر بعدا متفاوتا فقد يخفى عن البصر من بعد قد يدرك البصر منه مبصرا مساويا له في العظم إذا كان مشرق اللون وقوي اللون، من أجل أن صورة اللون الرقيق أضعف من صورة اللون القوي، فهي تخفى من بعد أقل من البعد الذي تخفى منه صورة اللون القوي.
[20] وقد يخفى المبصر أيضا من أجل اشتباه لونه بألوان المبصرات المجاورة والمسامتة له. وذلك أن المبصرات التي على وجه الأرض ليس يخلوا أن يكون وراءها أو تحتها أو حولها أجسام أخر، والبصر يدرك الأجسام التي حول المبصر ووراءه وتحته ومسامتا له عند إدراك ذلك المبصر، فإذا كان لون المبصر شبيها بألوان تلك المبصرات وكان بعده مع ذلك بعدا متفاوتا، فإنه ربما خفي ذلك المبصر عن البصر فلم يتميز للبصر ذلك المبصر من غيره من أجل اشتباهه بالأجسام المجاورة له والمسامتة له التي يدركها البصر معه. وذلك مثل الأجسام الترابية التي تكون على وجه الأرض والأجسام الخضر المشرقة الخضرة إذا كانت فيما بين الزروع أو في تضاعيف ورق الشجر، وكالأجسام البيض المتشابهة الأجزاء التي تكون في وسط الثلج، وكالجسم الذي يكون وراءه أو تحته أو حوله جسم أعظم جثة منه شبيهة اللون بلونه. فإن كثيرا من المبصرات التي بهذه الصفة إذا كانت على أبعاد متفاوتة قد تخفى عن البصر ولا تتميز للبصر من الأجسام التي يدركها معها من أجل اشتباه ألوانها بألوان تلك الأجسام. وإذا كان في تلك المواضع بعينها وعلى تلك الأبعاد بأعيانها مبصرات مساوية لتلك المبصرات في أعظامها ومخالفة اللون لألوان الأجسام التي في تلك المواضع فإن البصر يدرك تلك المبصرات من تلك الأبعاد بعينها. فقد يكون خفاء المبصر عن البصر من أجل اشتباه لونه بألوان ما يجاوره من الأجسام.
Shafi 424