271

Littafin Manazir

كتاب المناظر

Nau'ikan

[24] وأيضا فإن المبصرات المألوفة تختلف أزمان إدراك نوعياتها، لأن أنواع المبصرات المألوقة منها ما يشتبه بغيرها من الأنواع ومنها ما ليس يشتبه بغيره. كنوع الإنسان ونوع الفرس: فإن الإنسان ليس تشتبه صورة نوعه بنوع غيره من الحيوان، وليس كذلك الفرس، لأن الفرس يشبهه كثير من الدواب في جملة هيئته. وليس الزمان الذي يدرك فيه البصر من شخص الإنسان نوعيته ويدرك أنه إنسان كالزمان الذي يدرك فيه من شخص الفرس نوعيته ويدرك أنه فرس، وخاصة إذا كان إدراكه لكل واحد من هذين من بعد مقتدر، لأن البصر إذا أدرك شخص الإنسان متحركا فإنه في الحال من انتصاب قامته مع حركته قد أدرك أنه إنسان، فمن الحركة يدرك أنه حيوان ومن انتصاب القامة يدرك أنه إنسان. وليس كذلك إذا أدرك شخص الفرس، فإن البصر إذا أدرك شخص الفرس وأدركه متحركا، وأدرك مع جملة ذلك هيئته وعدد قوائمه، فليس يدرك من جميع ذلك أنه فرس، لأن هذه المعاني هى في كثير من ذوات الأربع وهي تساوي الفرس في هذه المعاني وغيرها، وخاصة البغل فإنه يشبه الفرس في أكثر أحواله، وإنما يتميز الفرس عن البغل بمعاني ليست بكل الظاهرة كتخطيط وجهه وامتداد عنقه وسرعة حركته وسعة خطوه. فإن لم يدرك البصر واحدا من هذه المعاني التي يتميز بها الفرس مع إدراكه لجملة هيئته فليس يدرك أنه فرس. وليس الزمان الذي يدرك البصر فيه انتصاب قامة الإنسان كالزمان الذي يدرك فيه هيئة الفرس مع المعاني الجزئية التي يتميز بها الفرس عن غيره. وإدراك البصر لنوعية الإنسان يكون في زمان أقصر من الزمان الذي يدرك فيه نوعية الفرس، وإن كان الزمانان قصيرين وأحدهما على تصاريف الأحوال يزيد على الآخر.

Shafi 332