[23] فقول: إنا نجد ضوء الصباح يبيتديء من أجزاء الليل وقد بقي قطعة من الليل فيمتد من أفق المشرق ذاهبا نحو وسط السماء كالعمود المستقيم، ويوجد ضعيفا خفيا، ويوجد مع ذلك وجه الأرض مظلما بظلمة الليل. ثم يقوى هذا الضوء ويزيد مقداره في العرض والطول ويقوى نوره والأرض مع ذلك مظلمة. ثم لا يزال يتزايد مقداره ويقوى نوره، فيضيء حينئذ وجه الأرضى المقابل لذلك الضوء المنكشف له بضوء ضعيف دون الضوء الذي يظهر في الجو في ذلك الوقت. ثم لا يزال الضوء الذي في الجو يقوى وينبسط إلى أن يملأ أفق المشرق ويبلع إلى وسط السماء ويمتليء الجو ضوءا، وحينئذ يقوى الضوء الذي على وجه الأرض ويشرق ويصير نهارا واضحا والشمس مع ذلك تحت الأفق وغير ظاهرة. ثم تطلع الشمس بعد هذه الحال فيزداد النهار وضوحا. وكذلك نجد الضوء في آخر النهار وبعد أن تغرب الشمس وتخفى تحت الأفق: يكون وجه الأرض مضيئا بضوء واضح والجو مع ذلك مضيء بضوء قوي. ثم لا يزال ضوء الجو يضعف ووجه الأرض يتناقص ضوؤه إلى أن يجن الليل.
[24] ثم إنا نجد أيضا ضوء الشمس إذا أشرق على بعض الجدران، وكان مقابلا ذلك الجدار وبالقرب منه مكان مظلم، فإن ذلك المكان يضيء بعد أن كان مظلما. وإذا كان لذلك المكان المظلم باب، وكان مقابل الباب في داخل ذلك المكان جدار، فإن الجدار المقابل للباب ولضوء الشمس المشرق على الجدار الخارج وما واجه الباب وضوء الشمس من أرض البيت إنما يكون أشد إضاءة من بقية البيت. ثم إذا زالت الشمس وزال ضوؤها المشرق على ذلك الجدار عاد الموضع مظلما. وكذلك نجد النهار وضوء القمر وضوء النار إذا أشرق على الجدار، وكان مقابل ذلك الجدار موضع مظلم، فإنه يضيء بذلك الضوء، وإذا بطل ذلك الضوء عاد الموضع مظلما. وكذلك نجد كل موضع مضيىء بضوء قوي، أي ضوء كان، إذا كان مقابلا له مكان مظلم وكان قريبا منه وكان بينهما منفذ فإن الموضع المظلم يضيء بالضوء المقابل له.
Shafi 83