[152] وكذلك إن كان جالسا ونظر إلى ما يلي جلسته من الأرض، فإن القوة المميزة تدرك أن بعد الجزء من الأرض الذي يلي موضع جلوسه عن البصر هو مقدار ارتفاع جلسته. فأبعاد المواضع من الأرض المتصلة بجسم الإنسان مفهومة المقادير عند القوة المميزة وصورها مستقرة في النفس. فإذا لحظ البصر الجزء من الأرض الذي يلي القدمين فقد أدرك الحاس السموت التي تنتهي إلى أطراف ذلك الجزء وتخيلت القوة المميزة مقادير أطوال السموت التي تنتهي إلى أطرافها ومقادير الزوايا التي تحيط بها تلك السموت. وإذا تخيلت القوة المميزة مقادير أطوال السموت ومقادير الزوايا التي تحيط بها السموت أدركت مقدار المسافة التي بين أطراف تلك السموت إدراكا متيقنا. فعلى هذه الصفة تتيقن مقادير الأجزاء من الأرض المحيطة بالإنسان بحاسة البصر.
[153] ثم ما يلي هذه الأجزاء من الأرض في جهة التباعد يدرك البصر مقاديرها من قياس مقادير خطوط الشعاع التي تمتد إلى أطرافها بمقادير خطوط الشعاع التي تمتد إلى الأجزاء الأول التي تلي الإنسان، فتقيس القوة المميزة الشعاع الثالث الذي ينتهي إلى الطرف الأبعد من الجزء الثاني بالشعاع الثاني المشترك للجزء الأول وللجزء الثاني، فتحس بمقدار زيادة الشعاع الثالث على الثاني. وإذا أحست بزيادة الشعاع الثالث على الثاني فقد أحست بمقدار الشعاع الثالث. وهي تدرك مقدار الشعاع الثاني إدراكا متيقنا، فيصير الشعاعان المحيطان بالجزء الثاني من الأرض، أعني بعدي السمتين، معلومي المقدار عند القوة المميزة. ووضع أحدهما عند الآخر الذي منه تتقوم الزاوية معلوم لها من إدراكها للجزء من البصر الذي يحيط به هذان الشعاعان. وإذا أدركت طولي الشعاعين ووضعهما فقد أدركت المسافة التي بين طرفيهما إدراكا متيقنا. فعلى هذه الصفة تدرك القوة المميزة أيضا مقادير الأجزاء من الأرض التي تلي الأجزاء المحيطة بالقدمين.
Shafi 283