[115] فأما المسافات التي بين المبصرات المتفرقة فإن ما كان منها على أبعاد متفاوتة، أعني إذا كان بعد كل واحد من المبصرين اللذين عند طرفي المسافة بعدا متفاوتا، فإن البصر يدرك المسافات التي بهذه الصفة كأنها مواجهة وإن كانت مائلة، لأنه لا يدرك الاختلاف الذي بين أبعاد أطرافها. وإن كان أحد المبصرين اللذين عند طرفي المسافة أقرب من الآخر وكان البصر يحس بقرب القريب منها. فإنه يدرك المسافة التي بينهما مائلة بحسب ما يدركه من قرب القريب من المبصرين اللذين عند طرفيها وبعد البعيد منهما. وإن كان أحد المبصرين أقرب، ولم يدك البصر قربه، فليس يحس بميل المسافة التي بينهما. فجميع السطوح والخطوط والمسافات المقاطعة لخطوط الشعاع التي يتحقق البصر أوضاعها منه هي التي تكون أبعادها معتدلة، ويكون البصر مع ذلك يتحقق تساوي أبعاد أطرافها واختلافها. وما لم يتحقق البصر تساوي أبعاد أطرافها واختلافها فليس يتحقق وضعها منه.
[116] وأكثر ما يدركه البصر من أوضاع المبصرات إنما يدركه بالحدس. فما كان منها على أبعاد معتدلة فليس يكون بين وضعه الذي يدركه البصر بالحدس وبين وضعه الحقيقي تفاوت مسرف. وما كان منها على أبعاد متفاوتة ولم يدرك البصر بين أبعاد أطرافها اختلافا فإنه يدركها مواجهة له وإن كانت مائلة، ولا يفرق بين المائل من المبصرات التي أبعادها متفاوتة وبين المواجه منها لأن البصر إذا لم يدرك اختلاف بعدي طرفي المبصر أدرك بعدي طرفيه متساويين، وإذا أدرك بعدي الطرفين متساويين حكم بالمواجهة.
[117] فعلى هذه الصفات يكون إدراك أوضاع السطوح والخطوط والمسافات بحاسة البصر.
Shafi 264