[87] والمبصرات التي ليس يتحقق البصر مقادير أبعادها إذا أدركها البصر فإن القوة المميزة تحدس في حال إدراكها على مقادير أبعادها حدسا، وتقيس أبعادها بأبعاد أمثالها من المبصرات التي أدركها البصر من قبل وتحقق مقادير أبعادها، وتعتمد في القياس على صورة المبصر فتقيس صورة المبصر بصور المبصرات الشبيهة به التي أدركها البصر من قبل وتحققت القوة المميزة مقادير أبعادها، فتقيس بعد المبصر الذي ليس تتحقق مقدار بعده بأبعاد المبصرات الشبيهة به التي أدركها البصر من قبل وتحققت القوة المميزة مقادير أبعادها. وإذا لم تتحقق القوة المميزة تخطيط صورة المبصر قاست مقدار جملة صورته بمقادير صور المبصرات المساوية لتلك الصور في المقدار التي قد تحققت مقادير أبعادها فتشبه بعد المبصر الذي ليس تتحقق مقدار بعده بأبعاد المبصرات المساوية لذلك المبصر في المقدار التي قد تحققت أبعادها.
[88] وهذا هو غاية ما تقدر عليه القوة المميزة في التوصل إلى إدراك مقادير أبعاد المبصرات. فربما اتفق لها بهذا القياس أن تصيب في إدراك بعد ما هذه صفته من المبصرات، وربما وقع عليها الغلط. والذي تصيب فيه أيضا ليس تتحقق أنها مصيبة فيه. وهذا الحدس يكون في غاية السرعة لكثرة اعتياد القوة المميزة لإدراك أبعاد المبصرات بالحدس والتيقن.
[89] وقد تحدس القوة المميزة على مقدار بعد المبصر وإن كان بعده مسامتا لأجسام مرتبة وكان من الأبعاد المعتدلة وكان يمكن البصر أن يتحقق مقادير تلك الأجسام، وذلك لاعتياد القوة المميزة للحدس على أبعاد المبصرات ولسرعة حدسها. وإذا كان بعد المبصر من الأبعاد المعتدلة فليس يكون بين الحدس على بعده وبين حقيققة بعده تفاوت مسرف.
[90] فكل مبصر من المبصرات إذا أدركه البصر فإنه في حال إدراكه قد أدركت القوة المميزة بعده وأدركت مقدار بعده على مقدار ما في حال إدراكه إما بالتيقن وإما بالحدس، ويحصل لبعده في الحال مقدار متخيل في النفس. فما كان بعده مسامتا لأجسام مرتبة متصلة وكان بعده مع ذلك معتدلا وكان البصر يدرك تلك الأجسام المرتبة المسامته لبعده ولحظ البصر مع ذلك تلك الأجسام وكان قد تقدم علم القوة المميزة بها وتحقق مقدارها، فالمقدار الذي يدرك بحاسة البصر لبعد ذلك المبصر وحصلت صورته متخيلة في النفس هو مقدار محقق متيقن.
Shafi 252