أعمال الجوارح واستقام سلوك الإِنسان دينيا واجتماعيًا، والعكس بالعكس، وهو معنى قوله: "إذا صلحت صلح الجسد كله" أي صلحت أعْمال الجسد وسلوكه الظاهري ولهذا جاء في الحديث "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه".
ويستفاد منه: ما يأتي: أولًا: أن أحكام الشريعة الإسلامية من حلال وحرام، وواجب ومندوب ومكروه، كلها واضحة جلية لا عذر لأحد في الجهل بها، لأنها ميسورة العلم سهلة المنال ومن جهل منها شيئًا فعليه أن يسأل أهل العلم فذلك واجب. ثانيًا: الترغيب في الورع واتقاء الشبهات لكي يسلم للمؤمن دينه وعرضه، وقد قسم ابن المنذر الشبهات إلى ثلاثة أقسام: الأول: شيء يعلمه المرء حرامًا، ثم يشك فيه هل هو باق على حرمته أم لا فلا يحل الإِقدام عليه إلاّ بيقين كشاتين ذبح إحداهما كافرٌ، وشككنا في تعيينها. الثاني: أن يكون الشيء حلالًا فيشك في تحريمه كالزوجة، يشك في طلاقها، فلا يعتبر ذلك، ولا أثر له. الثالث: شيء يشك في حرمته وحله على السواء فالأوْلى التنزه عنه، كما فعل رسول الله في التمرة الساقطة، حيث تركها خشية أن تكون من تمور الصدقة اهـ واتقاء هذا النوع الأخير مستحب على أرجح الأقوال، وفعله مكروه، وقد قال سفيان: لا يصيب عبد حقيقة الإِيمان حتى يدع الإِثم وما تشابه منه. ثالثًا: أن من أتى شيئًا يظنه الناس شبهة ويخشى طعن الناس عليه بسببه، وهو يعلم أنه حلال، فإنه يحسن له تركه، لسلامة عرضه، وأن من وقع في أمرٍ يدعو الناس إلى الوقيعة فيه، أن يتخذ ما يصونه عن سوء الظن به، كمن أحدث في صلاته مثلًا، فإنه يستحب له أن يأخذ بأنفه موهمًا أنه رعف. رابعًا: أنه يجب على الإنسان أن لا يعرِّض نفسه لمواقف التهم، محافظة على سلامة عرضه، لقوله ﷺ " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " ولهذا قال بعض السلف: من عرّض نفسه للتهم فلا يلومن من أساء الظن به، وقد قال الشاعر: