١٤- قرأت على أبي عبيد الله محمد بن الربيع بن سليمان بمصر، وعلى أبي عبد الله محمد بن يوسف بن النضر الهروي بدمشق، وعلى محمد بن يحيى بن آدم بالفسطاط، أن ابن عبد الحكم أخبرهم قال: سمعت الشافعي يقول:
«قال لي محمد بن الحسن: لو علمت أن سيف بن سليمان يروي حديث اليمين مع الشاهد لأفسدته. قال: فقلت له: يا أبا عبد الله إذا أفسدته فسد» .
١٥- أخبرنا محمد بن يحيى خادم المزني، قال: أخبرنا ابن عبد الحكم، قال: أخبرنا الشافعي قال: «ناظر ابن.. .. (١) محمد بن الحسن فقال له: اترك القياس واستحسن. قال: فقال له: يا أبا عبد الله أما علمت أنك كشفت عورتك لبني آدم أنت تقول: إن القياس لا يكون إلا على الكتاب والسنة، ثم تقول: دع القياس واستحسن» . _________ (١) في الأصل ابن البنا، ويبدو أنه مصحف، ولم أقف على مصدر للخبر يكشف رسم هذا الاسم.
١٦- أخبرني أبو بكر عبد الرحمن بن العباس الشافعي بمصر، عن محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثني مصعب الزبيري قال: «قدم الشافعي المدينة وأقدمه رجلٌ طالبيٌ وكان موافقًا للقوم، فكان يجلس في مسجد رسول الله ﷺ، وينشد أشعار الشعراء، وكان حسن اللفظ به، فصيح القول، عالمًا بمعانيه. قال: فجلس عند أبي أيامًا ثم قال له يومًا: ترضى في قرشيتك ما أنت فيه أن تكون شاعرًا! قال: فقال: فما أصنع يا عم؟ قال: تتفقه فإن رسول الله ﷺ قال: من يرد الله به خيرًا ⦗٦٩⦘ يفقهه في الدين. قال: وأنى لي ذلك؟ قال: مالك بن أنس سيد المسلمين. فقال: قم بنا إليه. قال: فأتينا مالكًا فجلس عند مالك، وأخبر أبي مالكًا بشرفه وأمره. قال: فقربه مالكٌ وأدناه. قال: وجعل يسمع من مالك. فلما كان بعد أيام قال: أيش يقول مالك: أمرنا الذي عليه أهل بلدنا، والذي عليه أئمة المسلمين الراشدين المهديين؟ فقال له: إن أولهم رسول الله ﷺ ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان الذين توفوا بالمدينة. قال: فترك مذهبه وما كان فيه، وسمع الموطأ من مالك وسر به مالك. فأقصاه العلوي واشتد به الحال. قال: فأتى أبي العلوي فقال: أقدمت ابن عمك محمد بن إدريس ثم جفيته! قال: إنه ليستحكم ويصد الناس عن مذهبنا وقال بمقالته. فقال: وما يكون الناس يستمعون وينتقلون من رأي إلى رأي. فقال له: صدقت قد أخطأت. ثم وصله بثلاث مئة دينار. وكان الشافعي في خلال ذلك ربما جالس إبراهيم بن أبي يحيى فربما يقول: ما أجهله. ثم خرج إلى مكة فكتب عن سفيان بن عيينة، وعن مسلم بن خالد. ثم خرج بعد ذلك إلى اليمن فافتتن به أهل اليمن، فكتب السلطان الذي كان باليمن إلى هارون: إن قبلي رجلٌ من ولد شافع قد افتتن اليمن عن آخرها، لو أراد أن يخرج معه عن آخرهم لفعلوا. قال: فكتب إليه أن يحمله مغصوبًا إليه. قال: فحمل فوافى به الرقة ولم يتركه أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره. فلما وافى الرقة لقي محمد بن الحسن وكان معه ستون دينارًا، فاعتذر إليه ودفعها إلى كاتبه فقال: اكتب لي كتبه. قال: فكتب له. قال: فجلس محمد بن الحسن يومًا في مسجد الرقة وجعل يزري بأهل الحجاز ويقول: أيش يحسنوا، وهل فيهم أحدٌ يحسن مسألةً؟ قال: وكان الشافعي في ناحية، فبلغه فجاء فسلم عليه، وإن شاربه ليدخل ⦗٧٠⦘ فمه، والفضل بن الربيع حاضرٌ. فقال الشافعي لابن الحسن: أما أصحابك فأعلم الناس بما لم يكن أبدًا وأجهلهم بالسنن. فناظره فقال له: قد أكثرت -والفضل يكتب ما يجري بينهما- فقال الشافعي يومئذ: ما تقول في صلاة الخوف كيف يصليها الرجل؟ فقال محمد بن الحسن: منسوخ قال الله ﷿: ﴿وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة﴾، فلما خرج رسول الله ﷺ من بين أظهرهم لم تجب عليهم صلاة الخوف. فقال الشافعي: قال الله ﷿: ﴿خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم﴾، فلما خرج رسول الله من بين أظهرهم لم تجب عليهم! قال ابن الحسن: كلا بل تجب عليهم. فقال الشافعي: وكلا بل تجب عليهم» .
١٥- أخبرنا محمد بن يحيى خادم المزني، قال: أخبرنا ابن عبد الحكم، قال: أخبرنا الشافعي قال: «ناظر ابن.. .. (١) محمد بن الحسن فقال له: اترك القياس واستحسن. قال: فقال له: يا أبا عبد الله أما علمت أنك كشفت عورتك لبني آدم أنت تقول: إن القياس لا يكون إلا على الكتاب والسنة، ثم تقول: دع القياس واستحسن» . _________ (١) في الأصل ابن البنا، ويبدو أنه مصحف، ولم أقف على مصدر للخبر يكشف رسم هذا الاسم.
١٦- أخبرني أبو بكر عبد الرحمن بن العباس الشافعي بمصر، عن محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثني مصعب الزبيري قال: «قدم الشافعي المدينة وأقدمه رجلٌ طالبيٌ وكان موافقًا للقوم، فكان يجلس في مسجد رسول الله ﷺ، وينشد أشعار الشعراء، وكان حسن اللفظ به، فصيح القول، عالمًا بمعانيه. قال: فجلس عند أبي أيامًا ثم قال له يومًا: ترضى في قرشيتك ما أنت فيه أن تكون شاعرًا! قال: فقال: فما أصنع يا عم؟ قال: تتفقه فإن رسول الله ﷺ قال: من يرد الله به خيرًا ⦗٦٩⦘ يفقهه في الدين. قال: وأنى لي ذلك؟ قال: مالك بن أنس سيد المسلمين. فقال: قم بنا إليه. قال: فأتينا مالكًا فجلس عند مالك، وأخبر أبي مالكًا بشرفه وأمره. قال: فقربه مالكٌ وأدناه. قال: وجعل يسمع من مالك. فلما كان بعد أيام قال: أيش يقول مالك: أمرنا الذي عليه أهل بلدنا، والذي عليه أئمة المسلمين الراشدين المهديين؟ فقال له: إن أولهم رسول الله ﷺ ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان الذين توفوا بالمدينة. قال: فترك مذهبه وما كان فيه، وسمع الموطأ من مالك وسر به مالك. فأقصاه العلوي واشتد به الحال. قال: فأتى أبي العلوي فقال: أقدمت ابن عمك محمد بن إدريس ثم جفيته! قال: إنه ليستحكم ويصد الناس عن مذهبنا وقال بمقالته. فقال: وما يكون الناس يستمعون وينتقلون من رأي إلى رأي. فقال له: صدقت قد أخطأت. ثم وصله بثلاث مئة دينار. وكان الشافعي في خلال ذلك ربما جالس إبراهيم بن أبي يحيى فربما يقول: ما أجهله. ثم خرج إلى مكة فكتب عن سفيان بن عيينة، وعن مسلم بن خالد. ثم خرج بعد ذلك إلى اليمن فافتتن به أهل اليمن، فكتب السلطان الذي كان باليمن إلى هارون: إن قبلي رجلٌ من ولد شافع قد افتتن اليمن عن آخرها، لو أراد أن يخرج معه عن آخرهم لفعلوا. قال: فكتب إليه أن يحمله مغصوبًا إليه. قال: فحمل فوافى به الرقة ولم يتركه أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره. فلما وافى الرقة لقي محمد بن الحسن وكان معه ستون دينارًا، فاعتذر إليه ودفعها إلى كاتبه فقال: اكتب لي كتبه. قال: فكتب له. قال: فجلس محمد بن الحسن يومًا في مسجد الرقة وجعل يزري بأهل الحجاز ويقول: أيش يحسنوا، وهل فيهم أحدٌ يحسن مسألةً؟ قال: وكان الشافعي في ناحية، فبلغه فجاء فسلم عليه، وإن شاربه ليدخل ⦗٧٠⦘ فمه، والفضل بن الربيع حاضرٌ. فقال الشافعي لابن الحسن: أما أصحابك فأعلم الناس بما لم يكن أبدًا وأجهلهم بالسنن. فناظره فقال له: قد أكثرت -والفضل يكتب ما يجري بينهما- فقال الشافعي يومئذ: ما تقول في صلاة الخوف كيف يصليها الرجل؟ فقال محمد بن الحسن: منسوخ قال الله ﷿: ﴿وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة﴾، فلما خرج رسول الله ﷺ من بين أظهرهم لم تجب عليهم صلاة الخوف. فقال الشافعي: قال الله ﷿: ﴿خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم﴾، فلما خرج رسول الله من بين أظهرهم لم تجب عليهم! قال ابن الحسن: كلا بل تجب عليهم. فقال الشافعي: وكلا بل تجب عليهم» .
1 / 68